صدر حديثا من مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامة كتاب (نَهْج الصَّوَابِ فِي الكَاتِبِ وَالكِتَابَةِ وَالكِتَابِ) ويعد هذا الكتاب ثاني أشهر كُتُبِ الشَّيخ عليّ ابن الشيخ محمَّد رضا ابن الشيخ مُوسَى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء المُتَوَفَّى سَنَة (1350هـ/ 1931م)، بَعدَ كِتَابهِ الذَّائِع (الحُصُون المَنيعَة في طَبَقَاتِ الشِّيعَةِ)، فَهوَ لا يَقِلُّ عنهُ مَنزِلَةً ومكانةً، في بَحثِهِ عَنِ الخُطُوطِ، وأَدَوَاتِ الكِتَابَةِ كالقلمِ والمِدادِ والمحبرَةِ، وتراجم أعلام الكُتَّاب والخطَّاطين والورَّاقين، وما أودعهُ من الرسائل الأدبيَّة، والتوقيعات، والقصائد والمقطَّعات للقدماء والمُعَاصِرين، ومَا كَتَبَهُ بِدِقَّة عَن المَكتَبَاتِ التي وَقَفَ على بَعضِهَا، ومَا آلتْ إليهِ بعد وفاةِ أصحابها، وقد عَرَفَ لهُ هذهِ الأهميَّة جَمَاعةٌ مِنَ الأُدباء الأفاضل الذين وَقَفُوا عليهِ فَقَرَّظُوهُ.
وقد نَجَحَ المُؤَلِّفُ في خَوضِ عُبابِ هذا الموضُوعِ الشَّائِكِ والبَعيدِ عنِ اهتِمَامَاتِ الفُقَهَاءِ مِن أُسرَتِهِ، لكنَّهُ قَرِيبٌ إِلى نَفسِهِ، فقد تَسَلَّحَ بالدُّربَةِ والموهبة، وأخلَصَ النيَّةَ، ورَاضَ نَفسَهُ على المُثَابَرَةِ، والصَّبرِ على التَّحصِيلِ، فَكَانَ لهُ - من جراءِ ذلكَ - هذا الحظُّ الوفير من سعةِ الاطِّلاع والاستقصَاء، والتَّمَكُّن في الفنِّ، وتمحيص المعلومات وملاحقتها وتحديثها. لقد أَكبَّ على قراءة ما بين يديه من أعلاق الكتب والأسفار ونفائسها، أو نَسْخِهَا، وجاسَ خِلالَهَا، وعَرَفَ غَثَّهَا مِن سَمِينِهَا، وتَذَوَّق الأشعار التي اختارها بتؤدَةٍ، وأدرَكَ تَشَعُّبَ مُتَطَلَّباته، واجتَهَدَ في ترتيب فُصُولِهِ التي عقدها، ونَظَرَ إِلى امتدَادِ الأَعلام والفُنُون والعُلُوم التي أحاطَ بها، وحبَّرَ كتابَهُ هذا بِمِدَادٍ لمْ يَنفَدْ، وإِرَادَةٍ واعية، واعترك مُعتَركه بِثَبَاتٍ، فَغَدَا مَرجعًا لَاحِبًا لمنْ يُريدُ البحثَ فِي الموضوعات التي طرقها، وسنجد غِبَّ مأثَرَهُ هذا في مستشرف الأيَّامِ القَادِمَةِ.

المصدر : مركز النجف الاشرف للتاليف والتوثيق والنشر
|