رأيته جالساً وحوله كتب التاريخ يتصفحها، ويئنّ مما يقرأ ويقول: أليست هذه مصادركم التي بين يدي، لِمَ تنكرون حقهم، دنوت منه تطلعت في محياه، وجدته ذلك العام الجليل الإمام الحافظ مشير الدين أبي عبدالله محمد بن علي بن شهر آشوب.
قلت: السلام عليكم
فردّ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، من المتكلم؟
قلت: أنا خادمة اهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، أسأل في أحوالهم وأنشر أخبارهم، لكنني أبحث عن الدليل أيها الحافظ، فأنت تعلم نحن أصحاب الدليل أينما مال نميل، والمقابل يتربص بنا المكائد، فوجدت لكَ كتابًا باسم (مناقب آل أبي طالب) هلا حدثتني عنه؟
تأوّه قليلاً وقال: لما رأيت كفر العداة والشراة بأمير المؤمنين (عليه السلام)، ووجدت الشيعة والسنة فيه مختلفين، وأكثر الناس عن ولاء أهل البيت ناكصين، وفي علومهم طاعنين، ولمحبتهم كارهين، انتبهت من نومة الغافلين، وصار لي ذلك لطفاً إلى كشف الأحوال، والنظر في اختلاف الأقوال، وما آفة الأخبار إلّا رواتها.
ووجدت جماعة يؤولون الأخبار المجمع عليها نحو آية: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» وحديث: «وأنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وغيرها من الأحاديث المجمع عليها من الطائفتين، وجماعة جعلوا مقابل كل حق باطلًا، وغروا الجاهل بمقالات باطلة، وجحدوا حق محمد وآل محمد، وجماعة نقلوا مناقبهم إلى غيرهم.
آليت على نفسي نقل مناقبهم، ثم وشّحت هذه الأخبار بشواهد الاشعار وتوَّجتها بالآيات، فرحم الله امرأً اعتبر وأحسن لنفسه النظر.
وتبسم بوجهي وقال: يا خادمة أهل البيت (عليهم السلام)، إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ولأن تكون تابعاً في الخير خير من أن تكون متبوعاً للشر، وخير العمل ما أصلحت به رشادك، وشرّه ما أفسدت به معادك، وافتتحت ذلك بذكر سيد الأنبياء والمرسلين، ثم بذكر الأئمة الصادقين، وختمته بذكر الصحابة والتابعين، وسمّيته بـ(مناقب آل أبي طالب) ونظمته للمعاد لا للمعاش، وادّخرته للدين لا للدنيا، فأسأل الله تعالى أن يجعله سبب نجاتي وحط سيئاتي ورفع درجاتي انه سميع مجيب.
:ــ هل ما نقلته لنا، من مصادر السنة أم الشيعة؟
:ــ انما نقلت من الاثنين، فنحن كما قلتِ أصحاب الدليل فأتيتهم بالدليل من كتبهم قبل كتبنا.
ابتسمت بوجههِ وقلت: لقد أثلجت قلبي أيها العالم الجليل، بارك الله لك هذا العمل وجعله الله في ميزان حسناتك؛ لأني عرفت أن هذا الكتاب خير مصدر أتزود منه أخبار محمد وآل محمد، وأنقل عنه بالدليل الموثوق، فرحم الله علماء الشيعة أجمعين.
|