لا بد للإنسان من قدوة يقتدي بها شعر بذلك أم لم يشعر، وتكمن أهمية القدوة في الحياة في أنها تطوي لك مسافة من الطريق لم تكتشفها أنت بعد، ولها أهمية وصلت إلى أنّ الباري سبحانه أمرنا باتخاذ الرسول، صلى الله عليه وآله، قدوة؛ لأنّ طريق الدنيا وعر، يحتاج إلى أن يأخذ بيدك إنسان إن عثرت، فقال تعالى: } لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة{ , يقول الطبرسي في تفسيره:( هذا خطاب من الله تعالى للمكلفين، يقول لهم: ان لكم معاشر المكلفين " في رسول الله أسوة حسنة " أي اقتداء حسن، في جميع ما يقوله ويفعله متى فعلتم مثله كان ذلك حسنا والمراد بذلك الحث على الجهاد والصبر عليه في حروبه، والتسلية لهم في ما ينالهم من المصائب، فان النبي صلى الله عليه وآله شج رأسه وكسرت رباعيته في يوم أحد وقتل عمه حمزة فالتأسي به في الصبر على جميع ذلك من الأسوة الحسنة).
وعلى الإنسان اختيار قدوته، أما من ذهب راكضا خلف الشفاه المنتفخة والقوام الفاتن وراقص هنا وبذيء هناك فقد زلت قدمه في ظلمة الحياة إذ هؤلاء لا ينورون له طريقا.
وأرى من الضرورة أن يكون القادة في أي مجال: في السياسة أو المعسكرات أو في أي دائرة من دوائر الدولة الأخرى متحلين بصفات تؤهلهم لأن يكونوا قدوة لمن تحتهم بامتلاكهم العدالة والإرادة والشجاعة، ولا يتخذوا العقوبة وحدها بضاعة ليدخلوا من تحتهم في الطاعة، بل يجعل من الآخرين واثقين به بل يرفعهم هو ليثقوا بأنفسهم كما يقول نابليون.
أما استغلال المنصب لاستعمال الألفاظ الوضيعة يُعد حركة شنيعة لا تطيقها الأرواح الرفيعة، فالقيادة هي فن التأثير, فأي تأثير إذن بلفظ حقير؟!!!
وإذا ما أخذنا بفرضية اللساني الأمريكي سابير بأن الإنسان لا يمكنه التفكير إلا من خلال ما توفره اللغة من كلمات، فهو يدل على سطحية فكر ذلكم المسؤول أو كبير العمل وضحالة بيئته، فما كلماته المستعملة وأمثاله المضروبة إلا التافه منها !! فهل يتخلى قادة البلد أو أي كبير في أي عمل من ذلك المستنقع ليرتفع فيكون قدوة؟!
|