• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هوية بغداد كاظمية .
                          • الكاتب : هدى الحسيني .

هوية بغداد كاظمية


الكلّ يَعلم مدى حجم الزيارات التي تشهدها العتبة الكاظمية المقدسة ،وعلى وجه الخصوص ذكرى استشهاد المعذب في قعر السجون وظلم المطامير الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)وكيف تُستقبل هذه المناسبة الأليمة من قبل المؤمنين والموالين وهم يستذكرون منزلته ومقامه العظيم (عليه السلام) لدى الباري (عز وجل).
لكن الزيارة في هذا العام شَهِدت تغييراً كبيراً عن السنوات السابقة ،حيث كانت تؤدى سابقًا قبل يوم او يومين من الاستشهاد، إلا إنَّ هذا العام شهد زحفًا مبكرًا من الزائرين .
ويعود التوافدُ المبكّر للزائرين  لجملة أمور منها : العطلة الربيعية، وانحسار جائحة كورونا.
فقد إكتظت شوارع بغداد بالزوار ،وأعلنت الحداد ،وتوشحت بالسواد ،رغم محاولات بعض البائسين إلباسها ثوبا هجينا عن طريق إقامة مهرجانات العهر والسفاهة ،لكنها اليوم تكتسي هويتها الحقيقية ،لتقيم أكبر وأعظم مهرجان هو مهرجان العزاء الكاظمي وتعبر عن عمق ولائها للنبي الأكرم وآله الهداة.
أهل بغداد اليوم يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم ،ويستقبلون جموع المعزين ،ويقومون بتقديم كافة الخدمات لهم حبًا وكرامةً لأمامهم المظلوم .
كما شرع أصحاب الهيئات الخدمية ،بنصب مخيماتهم وقدورهم ،لتهيئة الطعام والشراب وأماكن النوم للزائرين على الطرق المؤدية لمقصدهم ،وفي منطقة الكاظمية ذاتها ،وكذلك مناطق بغداد الواقعة على الطريق المؤدي لها. 
نعم ؛ ها هم محبو وموالو أهل البيوت ،يحضرون للقاء مولاهم ،على الموعد الذي حددهُ لهم ،كما هو مذكور بالروايات حيث قال الراوي : "أن علي بن سويد قد اتصل بالإمام موسى بن جعفر (عليه السلام ) وهو في طامورة السندي بن شاهك فسأله: سيدي متى الفرج لقد ضاقت صدورنا؟
قال له الإمام: إن الفرج قريب يا ابن سويد، قال: متى سيدي. 
قال: يوم الجمعة ضحىً على الجسر ببغداد. 
يقول علي بن سويد: ذهبت إلى بيوت الشيعة أطرقها بابًا بابًا أُبشرهم بموعد خروج الإمام من السجن فلما جئت أنا وجمع كثير من الشيعة في ذلك اليوم إلى جسر الرصافة وإذا بجنازة مطروحة والمنادي ينادي: 
هذا إمام الرافضة قد مات حتف أنفه فانظروا إليه"
تلك الجنازة التي بقيّت  ثلاثة أيامٍ على الجسر ببغداد وحُمِلّت على اكتاف الحمالين اليوم تتلقفها أيدي ملايين المحبين ،فعلى مثل موسى فليبكِ الباكون ،وليندب النادبون ،ويعج العاجون ،انه الطيب بن الأطايب، الذي حاول هارون اطفاء نوره ،وسجنه في طامورة ظلماء ،لايعرف ليلِها من نهارِها ،لكنه في تلك الظلمة الحالكة كان النور يشع من ثناياها حتى ينير أركان المكان .
بقي نوره ساطعاً أبد الدهر لينير درب المظلومين ،وأصبح مرقده  الشريف قبلةً لكل العاشقين ،
وقبته الشاهقة دليل على فناء الطغاة والمجرمين فأين قبر هارون الطاغية؟ الذي صبّ عليه جام غضبه وأذاقهُ ألوان الأذى والعذاب لقد اندثر كما اندثر غيره من قبور الطغاة الظالمين وبقى إسم "موسى" صوت تضحية يدوي أبد الدهر.
فديناك يا حليف السجدة الطويلة من معذبٍ في قعر السجون وظُلم المطامير ، وسلامٌ على رفضك وإبائك وجَلَدك وكبريائك الذي أعجز قاتليك فدفعهم حُنقهم عليك أن ينادوا على جنازتك بذل الإستخفاف (هذا إمام الرافضة) ،
وسلامٌ عليك ياسيدي ومولاي يومَ ولِدت ويومَ أُستشهدت ويومَ تُبعث حياً .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=165235
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 02 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12