• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أذهبوا فأنتم الطلقاء .
                          • الكاتب : حامد گعيد الجبوري .

أذهبوا فأنتم الطلقاء

  يروي أبن أبي الحديد المعتزلي بشرحه ، والمسعودي بمروجه ، والطبري بتاريخه ، إن الرسول الأعظم محمد ( صل الله عليه وآله وسلم ) ليلة فتح مكه ، وجيش المسلمون يحيطونها من جوانبها الأربعة ، أمر جيشه بالتحلق مثنى وثلاث ويوقدون نارا ، وحين رأى أهل مكة وشعابها النار من كل حدب وصوب ، أخذهم الخوف والهلع ، ففزعوا نحو أبي سفيان ليستصرخوه لمواجهة النبي الأكرم ، وجهز أبو سفيان راحلته ووصل لبداية جيش المسلمين ، وطلب لقاء صديقه العباس بن عبد المطلب ( رض ) ، وهما يسيران صوب خيمة النبي ( ص ) ، قال أبو سفيان لعم النبي العباس إن ملك أبن أخيك عظيم ، فقال له العباس ويحك أنها النبوة ، ودخلا على الرسول الأكرم وغنم أبو سفيان بمكرمة حيث قال له الرسول بعد حديث مطول من أبي سفيان ، ( من دخل داره فهو  آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن ) ، وعاد أبو سفيان لقومه بهذه المكرمة المحمدية ، في اليوم التالي دخل جيش المسلمون مكة والراية يومئذ بيد القائد خالد بن الوليد ( رض ) وهو يرتجز قائلا ، ( اليوم يوم الملحمة ، اليوم تسبى الحرمة ) ، فخاف الناس وارتعدوا هلعا من ثقل هذه الأرجوزة ، فأمر النبي (ص ) عليا ( ع ) بأخذ الراية من خالد بن الوليد ففعل وهو يرتجز – علي – قائلا ، ( اليوم يوم المرحمة ، اليوم تحمى الحرمة ) ، وبعد أن أستتب الوضع صعد الرسول على ربوة مكية وقال مخاطبا أهل مكة ، ( ماذا تضنون أني فاعل بكم ) ، ومعلوم حجم المعانات التي واجهها النبي ( ص ) والمسلمين الأوائل من قريش وغيرها ، فقالوا له ، ( أخ كريم وأبن أخ كريم ملكت فأصفح ) ، فأطلقها نبي الرحمة ( ص ) لتبقى تدوّي مادام عرق ينبض ، ( أذهبوا فأنتم الطلقاء ) .
       غايتي مما ذكرت من سرد تاريخي كي أقارن بين أمس واليوم ، فحينما تجهزت الجيوش الأمريكية ، ومن سار بمسارها لاحتلال العراق ، ولست معنيا وافقنا أم لم نوافق كعراقيين ، من يسكن الوطن ومن هاجر عنه ، وفعلا تم احتلال العراق ، وأنا أسميه تحريرا لغاية واحدة فقط ، وهي الخلاص من نظام مستبد جائر ، ومعلوم كيف شُكلت الحكومة ومنذ مجلس الحكم وليومنا هذا ، وأغلب الساسة العراقيون إلا ما ندر أطلقها كما أطلقها محمد العظيم ( ص ) وقالوا لزمر البعث المهزوم المجتث ، وأزلامه وأذنابه ولقطاءه أذهبوا فأنتم الطلقاء ، والغريب أن هؤلاء الطلقاء رفضوا هذه الدعوة الكريمة من العراقيين وساستهم ، بل رفضوا هذا العرض السخي جدا والذي حقن دمائهم ، إلا القلة المجرمة التي نفذ بها الناس حكم الإعدام  ، مخالفون لفتاوى الدين والساسة ، حيث أرادوا أن يستتب الأمن والأمان بربوع العراق ، ومن ثم يساقون للمحاكم الوطنية للمجرم فقط ، والأغرب من ذلك تلك التصريحات ( الطرزانية ) من قوائم بعثية كثيرة ، ومن الناطقون بإسم حزبهم المنحل ، أرادوا غير ذلك ، فهم لا يعترفون بهذا التغيير جملة وتفصيلا ، بل قالوا وبكل وقاحة كما عهدناهم ، ليخرج المحتل مع من جاء معه أولا ، وتعود الأمور كما كانت أيامهم السوداء ، وهنا فقط سيفكرون بإشراك الآخرون معهم بالحكم إن سمحوا بذلك ، أعتقد جازما أن مثل هذه الطروحات البعثية  التي صدرت بسبب أنهم رأوا سماحة من إهل هذا العراق العظيم ، ولو  تعاملنا معهم بغير هذه السماحة لكان أجدى بهم وأمض ، ولرأيناهم بغير هذه الصورة اليوم . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1649
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13