سأفتي بما أفتى به "أبو نؤاس" يوما حينما سئل "أيهما أكثر إكراما للميت المسير أمام النعش أم خلفه "أجاب "لا تكن داخل النعش وسر حيث طاب لك المسير " .
أقول يجوز لنا المسير خلف أو أمام أي جنازة باستثناء جنازة العراق الواحد , بإمكاننا الكتابة في أي شأن , عدى ان نبيع العراق بسوق نخاسة أو ان نكون شركاء في التآمر عليه أو ان نسهم بتازيم وتوتير أجواء الاحتقان والخصومة .
بعد مقالي الموسوم (كيفية إطفاء الحرائق بالبنزين) , نهشتني وحوش ضارية لا تعرف قيمة الاعتدال والوسطية , ولا تجيد غير رمي صفائح البنزين فوق لهيب حرائق الوطن .آخرون تربعوا على كرسي الوعظ وأشبعوني قدحا وذما , حتى إنهم اعتبروني "خارج الملة"!. لأنني وقفت موقف من يخاف على العراق ومستقبل أجياله , المرحلة في العراق الآن تتطلب ان يسهم العقلاء بالتخفيف من حدة التوتر والشحن , التي لا تخدم إلا أعداء العراق الجديد .
مازلت اعتقد ان معسكر أعداء البعث والدكتاتورية يجب ان يظل متماسكا , لان أعداء العراق الجديد وأعداء الديمقراطية إذا تمكنا من إطاحة تجربة العراق–لا سمح الله –, وعادت الدكتاتورية فإنهم لن يرحموا كل الأطراف المشاركة بالعملية السياسية , حتى حسنوا النية الذين يدافعون عن البعثيين بحجة المصالحة الوطنية !.
ليس مطلوبا ان يكثر شهود الزور , الذين يشهدون ويحلفون بأغلظ الأيمان من اجل دراهم معدودة , هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم , هم عبيد من يدفع أكثر , هم كثر يقفون أمام المحاكم ومنهم من الكتاب أيضا !!.
ان لغة العقل والمنطق والاعتدال والمحافظة على نقاوة الأجواء , التي تُنمّي القواسم المشتركة بين الجميع .هذه بالضبط مهمة كل وطني يخاف على العراق ومستقبله .
ان أعداء العراق الجديد معروفون ومشخصون , هم من ظلوا لليوم الأخير من عمر النظام يرتدون الزيتوني ويدافعون عن النظام واجبروا على خلعه والعودة بزي جديد .آخرون من العملاء الصغار – وان كبرتهم المناصب ورفعت من قدرهم الوضيع– , الذين يأتمرون بأوامر بعض دول الجوار والإقليم .
اعرف ان الوسطية والاعتدال تهمة في ظل أجواء الشحن الطائفي والعرقي , اعرف أيضا ان تكون وسطيا ومعتدلا فانك تعد مجرما من وجهة نظر الشوفينين والمتشددين .
ان عملاء بعض دول الجوار ممن دخلوا العملية السياسية والبعثيين ومن تحالف معهم , ممن يعملون على تحويل تجربة العراق إلى حلبات لمصارعة الديكة , يمنون النفس بنجاح مخططاتهم بجر العراق إلى ساحة لقتال الإخوة أبناء البلد الواحد .فات هؤلاء ومن سار معهم ونفذ مخططاتهم ان يعرفوا: ان حلبات مصارعة الديكة لا تنجب أبطالا فائزين وإنما تنجب مقامرين خائبين .ان من يهتفون بهسترية لديك يدمي ديكا آخر لا يعرفون معنا للوطن والإنسانية .
أومن بحكمة تنطبق انطباقا تاما على الواقع العراقي والعربي قالها الحكيم مارتن لوثر كنج لخصومه العنصريين حينما خاطبهم قائلا (علينا العيش معا كإخوة أو الفناء معا كأغبياء)
Hassan_alkhafaji_54@yahoo.com
19-4-2012 |