• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المرجعية الدينية العليا للشيعة الإمامية. العبقرية والعالمية .
                          • الكاتب : مرتضى جواد الاحسائي .

المرجعية الدينية العليا للشيعة الإمامية. العبقرية والعالمية

  كشاب مسلم شيعي عاش في وسط متدين عربي خليجي، لم ألحظ فيه ظاهرة الندوات والمحاضرات التعريفية بالعلماء الكبار ومنجزاتهم العلمية ومقاربتها بمنهجية عصرية حديثة في الحقول المختلفة وخدماتهم للبشرية في حقل المعارف والعلوم الإنسانية لو تم الإلتفات له ، غاية ما هناك هو أننا نعرف أنهم على درجة عالية من النزاهة والتألق الروحي والمعنوي الذي أكسبهم موقعية جماهيرة وإرتكاز في القلوب والنفوس، بإضافة كونهم مجتهدين كبار..

🔸 غير أنني عندما كنت أطالع بعض أعداد مجلة الاستشراق الصادرة عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية التابع للعتبة العباسية المقدسة، لفتني ما لم اكن ملتفت اليه من الدراسات والبحوث العلمية التي أنتجتها عقول مفكرة كبيرة حول الإسلام و التشيع وأئمته. ع. بغض النظر عن مدى القبول بالمنهجية أو النتائج التي إتبعتها و توصلت لها تلك الدراسات، ولكن هذا كاشف عن الأهمية البالغة لدى الغربيين لا أقلاً للتعرف واستكشاف تلك الكنوز المهملة من قبلنا، وهنا دفعني ذلك لمتابعة ملف حضور فقهاء و أعلام الشيعة الكبار في الدراسات والإهتمامات الغربية وكانت المفاجئة بالنسبة لي كبيرة، و لكن :

🔹أولاً: هناك اغفال وتجاهل كثير وكبير من نخبنا ومثقفينا لتلك الدراسات التخصصية الأكاديمية الغربية عن فقهاء وأعلام الشيعة الإمامية ومميزاتهم وامتيازاتهم والتي يفترض أنهم معجبين ومنجذبين الى الغربي أكثر من الشرقي، فضلاً عن عدم الاعتناء الشخصي من قبلهم بدراسة الفقاهة والإجتهاد والمنجز المعرفي والديني عند الإمامية.. و لا شأن لي بالمهرجين او الهامشين الذين يتعاطون مع الملفات المعرفية بهزل وتهكم.. فهؤلاء لا قيمة لهم.. 

🔸ثانياً: عتبي على بعض النخب الحوزوية الكفوءة والجادة من جهتين:

أ_  كيف لم تتصدى لتقديم وتظهير تلك المنجزات والعطاءات الكبيرة في الإجتهاد الديني الشيعي الإمامية بمنهجية معاصرة للأجيال، والمجتمعات لتفتح نافذة وشعاع أمل للحيارى والموجوعين من النظم القانونية الوضعية التي تتلاعب بها المصالح الفئوية و البراغماتية والرأسمالية، وغيرها.

ب_ بعض التعابير والتوصيفات غير المتناسبة مع حقيقة وواقع المرجعية الدينية الشيعية بالخصوص النجفية منها وبالأخص مرجعية وشخصية الإمام الخوئي. قدس. حيث ان هذا المرجع ومن سبقه من مرجعيات كبرى خلاقة متألقة لم تأخذ حقها وموقعها الطبيعي، بالدراسة العلمية والمعرفية الكاشفة عن العبقرية والعالمية في تلك الشخصيات والتي منها شخصية الإمام الخوئي. قدس. بدعوى متشكله في اذهان البعض أن هذه المرجعية الفريدة تقليدية كلاسيكية، وأمثال هذه التوصيفات خطأ فادح وجناية في حقه .قدس. 

🔅 بل إن توصيفات كالعبقرية والعالمية في حق الإمام الخوئي.قدس. هي الأليق والأصوب، ومع ذلك هذه التوصيفات ليست مني بل تجدها في دراسات وبحوث أكاديمية علمية. 

♻️ وسأعطي نموذجين بشكل موجز لبعض الدراسات:

🕯 النموذج الأول: لمتخصصة وباحثة سويسرية قدمت دراسة اكاديمية. ( رسالة دكتوراه) فقط في شخصية الإمام السيد محسن الحكيم والإمام السيد أبوالقاسم الخوئي .. قدس سرهما... وتأثيرهما العالمي وليس فقط المحلي وهي:

 الباحثة السويسرية د. إلفيرا كوربوز Elvire Corboz، خريجة جامعة اكسفورد وتدرّس حاليا في جامعة آرهوس الدنمارك والمتخصصة بشؤون المرجعية الدينية والدراسات الشرقية والإسلامية. 
 ‏
 ‏♦️ تقول حول ما دفعها للاهتمام بالتخصص الأكاديميّ بشؤون الشيعة والمرجعية الدينية والأبحاث التي تجريها بهذا الشأن أن "هذا الاهتمام بدأ عندما كنتُ طالبةً جامعيّة في جامعة جنيف في سويسرا حيث كنت أتخصّصُ في الدراسات العربيّة والإسلاميّة، وشاركتُ في حلقةٍ دراسيّة محورُها العتبات المقدّسة في العراق بين القرنين التاسع عشر والعشرين بعد الميـلاد. 
 ‏
 ‏اطّلعت حينها على المذهب الشيعيّ ونظام المرجعيّة الدينيّة الذي أثار اهتمامي، فبدأتُ بالبحث الموسّع عن العتبات المقدسة والحوزات العلميّة ومراجع التقليد في العراق.
 ‏
 🔰 وكانت رسالتي لنيل إجازة الدكتوراة في العام 2005 دراسةً تحليلة لمرجعيّة السيد محسن الحكيم ثم السيد أبو القاسم الخوئي وتأثيرهما العالميّ، وقد اخترتُ دراسة النطاق العالميّ لمرجعيتهما لتعذّري الوصول إلى قلبِ العراقِ آنذاك.

🔻وفي عام 2016  تقريباً زارت الدكتورة الفيرا النجف الأشرف وإليك الخبر كما ورد في موقع الحكمة للحوار والتعاون ⬇️⬇️:

النجف الأشرف – الحكمة : استقبل سماحة العلامة السيد صالح الحكيم رئيس مركز الحكمة للحوار والتعاون الباحثة السويسرية الفيرا كوربوز من جامعة أكسفورد المتخصصة بشؤون المرجعية الدينية.
وقد كتبت السيدة الفيرا كتاباً بعنوان حماة التشيع تناولت فيه سماحة المرجع الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره) والمرجع الراحل السيد أبي القاسم الخوئي (قدس سره)..

🔅 وهي الآن بصدد دراسة موضوع الوكالة والوكلاء وهو من الموضوعات المرتبطة بشؤون المرجعية الدينية، وقد تحدث سماحة السيد عن هذه الموضوعات بشكل تفصيلي..

🕯 النموذج الثاني: لأكاديمي رصين وحوزوي نجفي أصيل وهو الأستاذ والعلامة القدير السيد مرتضى الحكمي. رض. الذي كان شخصية نهضوية وثقافية متميزة وكان في ستينيات القرن الماضي مدير تحرير مجلة النشاط الثقافي بالنجف الاشرف :

حيث ان اطلالة بسيطة على الدراسة الراقية العميقة المتقنة التي كتبها حول الإمام الخوئي. قدس. في مقدمة موسوعة الإمام الخوئي. قدس. تكشف عن بعض التألق والعمق والعالمية والموسوعية والأصالة المميزة في مرجعية وفكر الإمام الخوئي قدس.

💠 و المأمول أن يُعمل على تعريف الأجيال و الأوساط النخبوية بالمرجعيات والفقهاء الشيعة الكبار وماهي المعالم المعرفية والثقافية والعالمية في فكرهم ومنتجاتهم ومشاريعهم وخدماتهم، عبر دراسات وبحوث وندوات ومحاضرات تتناسب وحجم تلك الشخصيات الفذة والعملاقة..

■ وأملي أن لا يصغى الى بعض الأصوات والدعوات التي تعتبر مثل هذه الخطوات إنشغال بتراث أو موروث قديم أو لا قيمة له ، فهؤلاء لو كانوا جادين ووجدوا في الأوساط الأكاديمية الغربية المعجبين بها، لربما ينظر لهم بسطحية وبنوع من الأسى على نمط تفكيرهم وذلك لأنه في الرؤية الأكاديمية لا يقال لمنجزات معرفية وفكرية وعلمية وعقلية أنها تراث ماضوي ولا قيمة له، بل:

 إن هذه تعتبر لديهم إرث حضاري يجب المحافظة عليه ودراسته بعمق وتحقيقه وطباعته بأحدث طباعة ليوضع بين يدي الباحثين المتنوعين لتقديم قراءاتهم ومقارباتهم له وفيه، وما يمكن استفادته منه بما يخدم في العصر الراهن والمستقبل، وقد أسلفت الكلام في الحلقة الأولى على نموذج للمنهجيات التي كانت ما قبل الميلاد بقرون في عصور اليونان والاغريق وتم المحافظة عليها واستعادتها بعد دراستها  وتطويرها...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=161519
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 11 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13