شعرُ أمي  يشبهُ حنانها الأزلي الكبير 

رغم أنها لبست حجابها بوقت مبكر من عمرها إلا انه يمثل جناحين من ليل اسود محمر تطير به في خلوتها بالبيت 

تغسله تمشطه بمشطها البلاستيكي الرخيص 

ورغم الم فراقها لأبي لقبره الجماعي وفقدانها لبريق عينيها واحمرار وجنتيها حزنا عليه وصبرا على فراقه إلا إنها ظلت تحتفظ بنافورة الليل على رأسها 

نافورة متدفقة باستمرار من أعلى الرأس نزولاً على كتفيها وظهرها 

لكن فقد أخي في انفجار انتحاري عام 2004 كسر سور مناعتها العظيم 

فتسللت جيوش الشيب إلى رأسها وأخذت تقضم الأرض شيئا فشيئا في معركة خاسرة بالنسبة لأمي 

وأخذت بذور جديدة بالنمو في جسدها 

بذور (الكانسر) التي ستنمو بشكل سريع لاحقاً 

لم نكن نتصور أن شعرها سيتساقط بعد ثلاثة أيام من الجرعة الأولى من

 (الكيمو تروبي)

ولم نكن نتصور انه سينسلخ من فروه رأسها مهزوما بهذه السرعة 

ولم نكن نتصور انه سينزلق من مشطها إلى الأرض بهذه السرعة 

انه سلاح السُم لمواجهة السُم في الجسد هكذا يسمونه 

تستسلم للأمر الواقع و أجرؤ على مسك ماكينة الحلاقة وابدأ بحلاقة ما تبقى من شعيرات رأسها بدرجة صفر 

هكذا تعتاد على هذه الحالة فقدت ثلاثة أشياء في آن واحد ابنها الكبير الذي ترى فيه زوجها المعدوم وثديها الأيمن الذي يغذي الحنان وشعرها ضريبة العلاج 

بعد عام على سقوط شعرها ارقبها عن بعد تبحث في حاجيات ابنتي مريم ذات الثلاث سنوات على 

(شكالة) أو (ماشة) لربط لفافة شعر صغيرة بدأت تنبت كأنها حشائش برية في فصل الربيع 

هي ليست ضفيرة صغيرة لأنها لا تمسك بإطراف الأصابع 

أنها أشبه لريشة صفراء أولى في ذيل عصفور جديد جاء للحياة 

تحاول أن تجعلها خصلة بلملمتها وتحاول أن تجعلها بحجم عقدة الأصبع 

هكذا تحاول 

وأخيراً تستلم 

ستنتظر عام آخر لينمو بشكل اكبر 

هكذا قال الأطباء