ومن ثم يبين القران لهم ان الولاية لله ولرسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون فلما يبحثون عن المصداق يجدوه امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾
ثم يصرح القران الكريم ان المطهرون من دنس ورجس هم اهل بيت النبي (صلى الله عليه واله) دون غيرهم من باقي المسلمين﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾
وخص النبي (صلى الله عليه واله) علي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) من دون كل الناس بكونهم اهل بيته المعنيين باية التطهير بما تواتر الخبر فيه عنه (صلى الله عليه واله) والذي عرف حديث الكساء، حتى روي ان السيدة ام سلمة (رضوان الله عليها) طلبت من النبي (صلى الله عليه واله) ان تدخل معهم تحت الكساء فاعتذر منها وقال لها انت على خير.
ولم يقف القران عند هذا الحد حتى جعل مودتهم اجر الرسالة ﴿ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾
واما النبي (صلى الله عليه واله) فقد نص في كثير من المواقف على ان الخليفة من بعده والامام من بعده هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) من بينها انه كان يقف عدة اشهر امام باب بيت علي وفاطمة عليهما السلام وهو يقول السلام عليكم اهل البيت ورحمة الله وبركاته، وفي يوم المباهلة الحادثة التي خلدها القران الكريم لم يخرج معه الا علي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام)، ولما انزل الله تعالى سورة براءة وخرج ابو بكر ليبلغها نزل جبريل فامر رسول الله (صلى الله عليه واله) بان لا يبلغ الا هو او علي (عليه السلام) فاعاد ابا بكر وذهب امير المؤمنين (عليه السلام) ليبلغ براءة الى الناس في مكة، وفي غزوة تبوك حيث المسافة بعيدة والسفر طويل قريش سكنت المدينة عاصمة المسلمين والنبي (صلى الله عليه واله) مطلع على خبايا نفوسهم الخبيثة، استخلف امير المؤمنين (عليه السلام) فلما ارجفوا اراد الله ورسوله تكذيب احدوثتهم فخرج امير المؤمنين (عليه السلام) الى رسول الله (صلى الله عليه واله) فاخبره بما يقول المرجفون في المدينة فقال له (انت مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي) ، واتم كل ذلك في غدير خم بعد العودة من سفر حجة الوداع حيث جمع المسلمين في منطقة خم وامر بدوحات فقمن ورقى مرتفعاً وخطب المسلمين خطبة طويلة وفيها اخذ يد علي صلوات الله عليه ورفعها حتى بان بياض ابطيهما وهو يقول (من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)، ولم يبق النبي (صلى الله عليه واله) بعدها الا نيف وسبعين يوماً ثم التحق الى بارئه .
من هذا السرد يتضح لها ان المنهج القرآني الالهي في الامامة هو منهج النص وان الله تعالى نصب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) اماماً وخليفة وحاكماً بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) كما هي سنته في الانبياء الذين سبقوا.
وحذر القران الكريم من الانقلاب على الاعقاب كما هي قوانين الحتمية الاجتماعية في الامم السالفة حيث قال تبارك وتعالى ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ وروي عن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال﴿ لتتَّبعُنَّ سَننَ من كانَ قبلَكُم شبرًا بشبرِ ، وذراعًا بذراعِ حتَّى لَو دخلوا جُحرَ ضبٍّ لسلكتموه. قالوا : يا رسولَ اللَّهِ مَن اليَهودُ والنَّصارى ؟ قالَ فمَن إذًا ؟ !)
فحسب دلالة نصوص القران الكريم والسنة البنوية ان هناك سنتنان جاريتان الى جنب بعضهما هما السنة الالهية والسنن الاجتماعية، والسنة الاجتماعية الناشئة من اتباع الهوى والنفس الامارة بالسوء تكون في تضاد دائماً مع السنة الالهية، وجعل الله تعالى احد عناصر ابتلاء المجتمع الانساني في التنافي بين هاتين السنتين، فسنة الله ان تكون الولاية والقيادة الهية، والسنة الاجتماعية في اتباع الهوى والانقلاب على الامامة الحقة.
|