يمثل الدُّعاء فنًا قوليَّاً في اللغة العربيَّة أنتجه أهل البيت - عليهم السَّلام - وهو كنزٌ لغويٌّ من التُّراث العربيِّ والإسلاميِّ بما يحمله من طاقة تعبيريَّة، وأساليب إبداعيَّة من الخطاب المنسجم المتكامل، كيف لا وهو من نتاج أفصح الخلق بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وآله - لكنَّه لم يحظَ بالقدر الوافي من الدِّراسة، ولم يُعنَ به إلا في السَّنوات الأخيرة، ولم تكن الدِّراسات الَّتي تناولته تبرِّز خصائصه الَّتي تميِّزه عن فنون القول الأخرى، وإنَّما اكتفت الدِّراسات الَّتي درست الأدعية بتطبيق منهجٍ ما عليها، أو استقراء ظواهر لغويَّة ودلاليَّة، ودراستها من دون البحث في تميُّز فنِّ الدُّعاء، واستقلاله عن النَّثر.
وفي هذه الدِّراسة نجد الباحث يقف على خصائص الدُّعاء، وما تفرَّدت به لغته الإبداعيَّة ليبرهن على أنَّه فنٌّ من القول مستقلٌ يوازي الشِّعر، والنَّثر، والقرآن، بعد أن اختار الباحث أربعة من أدعية أهل البيت - عليهم السَّلام - ودرسها دراسةً لسانيَّة بتطبيق آليات تحليل الخطاب عليها حيث أحدث ما يوصف بأنَّه الدراسة العلميَّة للُّغة.
ولم تكن هذه الدِّراسة مجرد تطبيقٍ لتنظيراتٍ جاهزة من باحثين غربيين أو عرب، بل سعى الباحث لمحاورة النظريَّات والآراء المبثوثة في دراسته، والتَّعديل عليها بما ينسجم مع المادَّة اللغويَّة الَّتي يدرسها إذ جعل الخطاب منطلقًا للتَّحليل، لا أن نسقط تحليلاتٍ جاهزةً على الخطاب، وشهدت هذه الدِّراسة اقتراح آليَّاتٍ للتَّحليل، واكتناه معانٍ خطابيَّة من الدُّعاء حريَّة بالتَّأمُّل.
وأسأل الله للباحث التَّوفيق والسَّداد.
أ. د حسين عودة هاشم النُّور
كلية التربية للعلوم الإنسانية - جامعة البصرة

|