ما صاحَ ناعيهِ إلاّ بالشَّجا غَصّا
والأرضُ خافتْ على أطرافِها النَّقصا *
وكانَ ما كانَ من حُزنٍ ومن شَجَنٍ
ما لا يُعدُّ لهُ وصفٌ ولا يُحصى
والصبرُ طائرُهُ ما عادَ منتهِضاً
جَناحُهُ بمُدى الأرزاءِ قد قُصّا
لم نَبكِهِ غارِساً للفِكرِ مُرتحِلاً
لكنّما قد بَكَينا الوَجهَ والشَّخْصا
فحوزةُ الدِّينِ تَبكي وهي ثاكلةٌ
إذ نالَ حادثُهُ من حُزنِها الأقصى
والمُكرماتُ لهُ ناحَتْ مُولوِلةً
وخاتَمُ المَجدِ فيهِ هَشَّمَ الفَصّا
وماجتِ الناسُ حولَ النَّعشِ لاطِمةً
فخَطْبُهُ في الورى قد عَمَّ ما اختصّا
تسربلوا بالأَسى والآهِ واتخذوا
أحزانَهُم والبُكا في رُزئِهِ قُمْصَا
أصابعُ الموتِ ما جَسّتْ أضالِعَهُ
إلا قلوبُ الورى قد عانتِ القَرْصَا
كأنَّ أفئدةَ الباكينَ سِرْبُ قَطَاً
والحُزنُ في سَهمِهِ قد أحكَمَ القَنْصَا
تخالُ تشييعَهُ بحراً يموجُ أسىً
أعدادُ مَنْ شَيّعوا أَعيَتْ مَنِ استقصى
والنَّدبُ (وا سيدي) من صدِقِ صائحِهِ
قد خِلتُ في شَخصِهِ - لا غَيرِهِ - خُصّا
أبياتُ (لا صَوّتَ النّاعي) لشُهرتِها
ما كنتُ مُعتقِداً قِيلتْ بهِ نَصّا
العَالِمُ الفَذُّ أدنى ما أقولُ بهِ
بقيةُ السيفِ والإيمانِ والخُلْصَا
كم حاولَ البعثُ إخفاءً لهُ فبدا
كالشمسِ لم يستطعْ يُخفِي لها قُرْصا
قد كان لاءً بسجنِ البعثِ شامخةً
وعُنفواناً على الطاغوتِ مُستعصَى
قَيدُ السُّجُونِ سُجونِ الظُّلمِ في يدِهِ
عن قَيدِ سَجّادِ آلِ البيتِ قد قَصّا
كمْ أسّسَ البغيُ بُنياناً على جُثثٍ
فهدّمَ الطفُّ ما أرسى وما رَصّا
مِنْ عِزّةِ الطفِّ هذا العِزُّ جَلّلَهُ
يا بيعةَ الطفِّ لا نَكْثاً ولا نَكْصَا
الشيخ أركان التميمي
——————————-
(*) روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}: "ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وخيار أهلها ". [الطبرسي، مجمع البيان، ج٦ ص٥٢]
|