• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لاديمقراطية من دون حريات شخصية وعامة يابعض مجالس الحكم ! .
                          • الكاتب : كامل المالكي .

لاديمقراطية من دون حريات شخصية وعامة يابعض مجالس الحكم !

الحريات هي من أهم  بنود العقد الاجتماعي في البلاد الديمقراطية أو السائرة نحوها , وتشكل الانتخابات  الصفحة الاولى لهذا العقد بين المواطن الناخب وبين من  سيمثله  ويسهر على تحقيق طموحاته الانسانية وفي مقدمتها الحرية , وشعب العراق الذي اختار بطواعية صناديق الاقتراع سبيلا لتحقيق الديمقراطية عبر مراحل وتطورات ’ يؤمن بان ثمن هذه الديمقراطية سيكون كبيرا من خلال تصدي اعدائها واعداء تطلعاته لها ,  لكنه لم يعتقد يوما بأن من تعاقد  معهم في محكمة الانتخابات واعطى صوته لهم سيتحولون الى سالبين لحريته التي تعاقد من اجلها معهم حين  طلع الصبح ليجد حريته خلف القضبان وكذلك البنود الدستورية التي تحكم الجميع وتكفل هي الاخرى حريته ولا تعلو عليها اية سلطة سواء أكانت دينية أودنيوية  .
حينما تم منع استمرار اعمال فنية ورياضية وترفيهية يقدمها سيرك اجنبي لمواطني مدينة البصرة قلنا انها حادثة طارئة واجراء روتيني أدى الى  ايقاف ومنع حرية الاطلاع على هذا الضرب من الفن والترفيه ,ولكن وجع القلب المؤلم بدأ حينما اظطرت فرق موسيقية وفلوكلورية عربية واجنبية من مغادرة ارض بابل لان الموسيقى واللوحات التعبيرية  والغناء ممنوع ومن المحرمات في مهرجان بابل الثقافي , بحجة ان الفرق لم تحصل على موافقات مسبقة ’ ومر المهرجان كئيبا بائسا بل كان البداية لنكبة الحرية في بلاد وشعب ينشدان الحرية ولايحيدون عنها ,ولكن ما يدق ناقوس الخطر  هذه الايام ما أقدم عليه مجلس محافظة بغداد في اغلاق المركزالثقافي والاجتماعي لاتحاد الادباء والكتاب في العراق من بين نواد ومطاعم في منطقة الكرادة , بذريعة انه يقدم خلال فعالياته المشروبات الروحية وهذا بطبيعة الحال يتنافى ومايراه بعض اعضاء مجلس المحافظة المتنفذين وفي مقدمتهم رئيس مجلس المحافظة ’ واذا كان من حق هذا المجلس ان يرى مايرى و يعتقد ما يعتقد فان من حق رواد هذا المركز العريق ان يمارسوا حريتهم كاملة دون ان يتدخل آخرون لمصادرتها بحجة أو باخرى ومن ذلك ( تطبيق القانون ) , أي قانون يحق له مصادرة حرية الآخرين الشخصية أو العامة ؟’ والذي يحز بالنفس كثيرا ان القانون أو القرار الذي استند اليه مجلس المحافظة كان صدر في عهد النظام السابق تماشيا مع الحملة الايمانية جدا للرئيس المؤمن صدام حسين في وقت كانت فيه بعض مقرات هذا المؤمن وصحبه تسهر حتى الفجر على انغام ورقصات الغجروغيرهم من فناني وفنانات الكوبونات النفطية .
لقد وجد رئيس مجلس المحافظة ( الحل ) على مانشرته الصحف الصادرة يوم الاربعاء الموافق 1/11/2010 بأن يسارع الادباء والكتاب العراقيون واتحادهم الى عقد ندوات ثقافية وشعرية على نفقة المجلس بدل المطالبة بفتح المركز الثقافي والاجتماعي , وكانه بهذه السخرية الواضحة من الاتحاد واعضائه يلغي جميع النشاطات الثقافية والشعرية شبه اليومية التي يقيمها في مركزه الذي صودرت حريته بقرار سلطوي احادي الجانب يأخذ بوجهة نظره ويلغي وجهة النظر الاخرى بحجة طائلة القانون اياه في مخالفة صريحة وعملية لمبادىء الدولة المدنية غير الدينية التي أكد عليها الدستور , ودون ان يعلم بأن الادباء تحملوا الظروف الاستثنائية واستمروا بعقد اجتماعاتهم في الصباح بدلا من المساء لكي لايتوقف نهر العراق الثالث ( الثقافة) واعتقد بأنهم سيستمرون وسيعاد مركزهم الثقافي , وهذا مايدعونا الى مناشدة دولة رئيس الوزراء لان هذا الاجراء لم يؤثر على جريان نهر الثقافة العراقية فحسب بل كانت له تداعيات اخرى منها فقدان فرص العمل لاعداد كبيرة من ابناء الطائفة المسيحية العاملين في المطاعم والمنتديات والذين تجري المحاولات لثنيهم عن الهجرة خارج وطنهم , كما ان التمادي في ذلك سيؤدي الى انتشار السوق السوداء واعمال التهريب فضلا عن انتشار وسائل اخرى كالمخدرات وغيرها ناهيك عن تعطيل المرافق السياحية التي بدأت تتحرك ايجابيا باتجاه الاقتصاد العراقي أحادي الجانب  .
لقد حاولت الكثير من الحكومات العراقية منذ ايام الملك فيصل الاول لاتخاذ مثل هذا الاجراء نزولا عند رغبة المتشددين لكن الحكمة تغلبت في النهاية على مثل هذه التوجهات واتخذ المسؤولون من اصحاب القرارموقفهم الصارم لتجنب تداعيات مثل هذا الاجراء على المجتمع العراقي , من هنا فان ايقاف العمل بهذه الاجراءات وما شابهها من مواقف متشددة ازاء الفن والثقافة والادب وممارسة الحرية التي كفلها الدستور من شأنه وأد ما يطرأ على المجتمع العراقي من هزات هو في امس الحاجة الى الابتعاد عنها في هذه المرحلة التي تتطلب مزيدا من التلاحم على طريق الوحدة الوطنية وان الحرب الباردة التي ستنشأ والتي بدات بالفعل بين المتشددين من اصحاب القرار في بعض مفاصل الحكم وبين قطاعات الشعب التواقة  للحرية وأخص منهم المثقفين والادباء والفنانين انما من شأنه ان يؤدي الى حدوث شرخ كبير في تلك الوحدة كما يشكل سابقة خطيرة ستؤثر لامحالة على مستقبل الديمقراطية في العراق وعلى خيارات الناخبين على وجه التحديد ونقول لبعض مجالس المحافظات وفي مقدمتها مجلس محافظة بغداد الاجدر ان تلتفتوا الى ماتعانيه المحافظات وفي طليعتها بغداد العاصمة  من تدني الخدمات وتفشي البطالة وتزايد عدد المعدمين والفقراء والمسحوقين جنبا الى جنب مع تصاعد وتنامي مشكلات الفساد والمحسوبية والمحاصصة المقيتة  دون ان تلوح بارقة أمل على وضع الخطط الانمائية المدروسة وغير العشوائية لانتشال العراق من وضعه الاقتصادي والاجتماعي المزري لاسباب عديدة لعل في مقدمتها سوء الادارة وعدم توظيف الثروة الوطنية باتجاهات تعزز تقدم العراق , ونافلة القول ان الديمقراطية في العراق بدأت تتعرض للتآكل وهي لما تزل في مهدها لان هناك حقيقة لامناص منها تؤكد أن لاديمقراطية من دون حريات شخصية وعامة  .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1587
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12