في الآونة الأخيرة، أخذت أغلب الفضائيات المتطرفة بتصعيد هجومها على الطائفة الشيعية بالخصوص، وعلى كلّ من لا يتفق معها بالرأي عموماً.. والمريب في الأمر، سكوت إدارة ومالكي الأقمار الصناعية التي تبث من خلال تردداتها هذه القنوات، رغم خرقها لأهمّ بنود المواثيق الإعلامية، وهذا ينذر بخطر تمزيق وحدة الأمة الإسلامية، ورفد أسواق التطرف والتعصب المذهبي، وزرع روح الكراهية بين أبناء المجتمع العربي الواحد، وصرف نظرهم عن هدفهم الأساس في بناء الإنسان المكلَّف بحمل رسالة السماء.
حيث أكّد مجموعة من خبراء الإعلام في ندوة إعلامية ودينية موسعة، عقدت في القاهرة تحت عنوان (الخطاب الإعلامي المستنير في مواجهة فضائيات الغلو)، على أن مواجهة المدّ الوهابي المتطرف القادم عبر الفضائيات المموّلة سعودياً، لن ينجح إلا من خلال مواجهته بالفكر والخطاب الديني المتجدد، ومن خلال إقامة الحجة عليه بالعقل والفهم المستنير.. (بحسب نقل موقع وطن).
وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن الحركات المتطرفة - السلفية منها بالخصوص - أنشأت ما يزيد على (12) فضائية تموَّل سعودياً بقرابة نصف مليار دولار سنوياً، وهي تبث سموماً للتخلف، وفقه البداوة، والتشدد الذي يمهّد للعنف المسلح، ويبرر سلوكياته، والذي عانت منه العديد من الدول العربية والإسلامية، وسيحمل المستقبل معاناة أشد عنفاً وأشد قسوة وتشويهاً للإسلام الصحيح؛ ودور هذه الفضائيات في بث هذا الفكر ونشره، دور خطير للغاية، ومن الواجب الشرعي الانتباه له، والإعداد الموسع لمواجهته.
طرق المواجهة:
1- بيان خطورة فتنة التكفير وشق عصا المسلمين، وضرورة تحديد مواصفات العلماء الذين يتولون التعامل مع وسائل الإعلام في عرض موقف الإسلام من جميع أشكال ومظاهر الانحراف الفكري، وفي ومقدمتها الغلو والتطرف، وهذا الدور يجب أن تقوم به منظمة المؤتمر الإسلامي بشكل مباشر وجاد؛ كونها الخيمة التي تجتمع تحتها الدول الإسلامية، غير أن تلك المنظمة تعيش في سبات عميق، وكأن الأمور حولها تسير بشكل طبيعي.
2- التأكيد على القنوات الفضائية الإسلامية عموماً على بث خليط من الإعلام والحملات الدعائية، وإقامة المؤتمرات العلمية، ونشر الدراسات والكتب التي تقدّم الثقافة البديلة، ومنها نبذ العنف والتسامح، وتركيز خطاب الوحدة الإسلامية، وضرورة احترام الآراء والأديان والمذاهب.
3- التصدي للإعلام الفاسد من خلال إقامة حملات التوعية بعدم المتابعة لها، والتحذير من خطرها في المجتمع، ابتداء من الأسرة إلى الشارع، وكل حسب مساحة عمله وإمكانياته، والاهتمام بما تشاهده العائلة في الفضائيات للأطفال، والشباب، وقليلي الخبرة، وتوعية المجتمع من خطر هذه الأفكار القاتلة.
4- إنتاج مناعة إعلامية مضادة تعتمد بناء الإنسان أخلاقياً وعقائدياً، خصوصاً في الجانب الإعلامي من قبل القنوات الإسلامية الفعلية والتي تنهج الخط المعتدل.
5- إيجاد مناهج تربوية تتماشى مع ما يتواجد من تطور إعلامي، وخصوصاً التي تُدرس في المدارس الابتدائية والثانوية، حيث تعد من أقدم المناهج، وهي مازالت تعامل الطالب بنفس ذهنية القرن التاسع عشر، والتي لم تكن فيها قنوات أرضية أو تلفاز أصلاً، فالطالب اليوم يأتي بذهنية متفتحة تتغذى من مئات القنوات الفضائية يومياً، فيما تقف المدارس عاجزة عن مجاراة أو رفد الطالب بالحصانة الذهنية؛ لانتقاء الأفضل من هذه الفضائيات.
6- ضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني الفكرية ومراكز البحوث، خصوصاً في نشر ثقافة الاعتدال والتنوير، والتحذير من خطورة التقليد الأعمى، أو استلام الأفكار (المعلّبة)، ورفد المجتمع بأفكار الحماية الذاتية من تهذيب وتشذيب وترفع عن المهاترات.
وأخيراً، علينا أن لا نتهاون في هذا الجانب، فمازالت ذاكرة التاريخ تؤشر إلى أن الكثير من الحروب كانت نتاجاً من الإعلام البسيط الناتج من قصيدة أو شعر بحق طائفة ضد أخرى، أو قبيلة ضد مثيلتها، وخلفت من المآسي ما خلفت.. هذا في زمن لم تكن فيه الأمور بتطورها الحاضر، ولا بسلاحها الفتاك الحالي، فكيف بما سيجري لو أن الأمورَ سارت بنفس ما يخطط له تجارُ السلاح وسماسرة الحروب، فلك أن تتصورَ النتائج؟!
|