الفضاء الأول :
الوقت : ( الساعة الأخيرة قبل استشهاد الإمام الحسين (ع) )
المكان : ( ساحة معركة )
الحدث : ( استشهاد الإمام الحسين ورفع راسه المقدس )
(الجو العام معركة أسلحة مبعثرة دخان اصوات صهيل الخيول وقرقعة سلاح ويسمع صوت الإمام الحسين (ع) )
صوت الإمام :ـ أنا وحدي ها هنا
لم يعد غير الدم المسكوب فوق الصحراء
لم يعد غير الأفاعي
ليت هذا الدم ذا سال على هذا الدجى
ليته يصنع للعالم فجره
ليته يغدو على الأعداء طوفانا وهولاً وضراماً
ليته يصنع للدنيا سلاما
اين انتم يارجالي ...اين انتم ؟
مالكم لاتستجيبون وقد كنتم سراعا ً إن دعوت
أين انتم ..؟ أين رحتم ؟
أين أبنائي وأبناء اخي ؟
وبنو أختي ..؟ وإخواني جميعا
أين انتم أيها الفتيان ...فتيان الطريق ؟
لم يعد منهم سوى لفحة حزن كالحريق
لم يعد إلاّ الدم المسكوب فوق الصحراء
آه ياضيعة من عاش لكي يبكي كل الأصدقاء !!
آه يا وحدة من مات محبوبه وعاش !
أين انتم كلموني ..اين انتم ؟
يا أعزائي .. لقد اصبحت وحدي
لم يعد من بعدكم غيري على هذا السبيل
لم يعد من بعدكم إلا الرحيل
انا ذا امضي وحيدا
اجعل صيحتي بوقا يدوي ليثير الغافلين
اجعل أشلائي رايات حق دامية
تصبغ الدنيا بلون الدم من عصر لعصر
ليست العبرة في قتلي
أنما العبرة فيمن قتلوني ...وللماذا قتلوني
أنا ثأر الله فيكم ...فطلبوه !!
( صوت صهيل الخيل وصليل سيوف )
صوت الإمام :ـ الموت أولى من ركوب العارِ والعارُأولى من دخول النارِ
( مؤثر معركة قوي )
أنا الحسين بن علي آليتُ أن لا أنثني
أحمي عيالات أبي أمضي على دين النبي
(يدخل عمر ويتبعه شمر )
عمر :ـ إنه يحمل سيف الله..
ياقوم فلا حيلة والله لكم .
شمر :ـ ما رأى في الجيش من يثبت له !!
( رجال آخرون من جيش عمر يقبلون مذعورين )
رجل (يخاطب عمر )
الرجل 1 :ـ نحن لا نقوى على هذا فدعنا وتقدم انت له !!
شمر : ـ كلهم قد فـرَّ عنه
رجل 2 : ـ والله ما رأيت مكثورا قط قتل ولده وأهل بيته واصحابه
أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه ان كان الرجالة تسقط
عنه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه ميمنته
شمر :ـ تدبرالأمر يا بن سعد ...
عمر :ـ (صارخا في فزع لشمر ) قسم الجيش ثلاثاً
فرقة تقذف بالنار عليه
واخرى للنبال .. وثالثة للرماح
لا يبارزه أحد ...لا يبارزه أحد
اقذفوه من بعيد بسهام ونبال ورماح
إحملو عليه من كل جانب
شمر :ـ (فرحا ) الحسين بن علي خرَّ والله صريعاً
صوت الإمام :ـ أأقتل مظلموماً وجدَّي محمد ؟
وأذبح عطشاناً
عمر :ـ ياحجار بن ابجر قطع راس الحسين ولا ترجع لنا من غير رأسه
( يذهب الى حيث جسد الإمام ويعود مسرعاً مرتعداً )
حجار بن ابجر : ـ لا.. كفى لا اشتري الدنيا ما فيها برأس ابن النبي
انه حدق في عينيَّ ياويلي
إن في عينيه نوراً هائلا يصعق من ينظر له
آه من من نظرته لي ! لا يا أمير الجيش ...لا..
عمر :ـ يابن الحجاج أفلا تذهب انت ؟
ابن الحجاج :ـ اعفني من هذه قد خرت والله
فما يثبت سيفي في يميني
بل كفاني أن حرست الماء
حسبي أن منعت الماء عنه
عمر :ـ أغدوتم جبناء ...؟
لم انتم في أمكنتكم كأنكم أحجار مصمته
أو ما فيكم فتى يقوى على رأس الحسين ؟
من يأتي لي برأس الحسين له ألف ألف دينار ذهبي
شمر :ـ من منكم لا يخطف لبَّه وهج الذهب ؟
من منكم لا يعشق الثروة حد العبادة ؟
ويحكم ما دهاكم ؟
انها رأس رجل
حسن من يساعدني على فصل رأس الحسين عن جسده
وله الف الف دينار
سنان :ـ أنا أعينك أيها الأمير ... ( يتقد الحصين بن نمير )
الحصين :ـ أنا اعينك يا شمر
شمر :ـ هيا انه مجرد رأس ميت
( يتقدم الثلاثة يحيطون بجسد الإمام )
الحصين :ـ نظرته شلت سيفي
شمر : ـ لا ينظرأحد في عينيه ...
اديروه ... فلتلقوه على وجهه
وسأذبحه من خلفه
( ظلام إضاءة مؤثر مرعب الشمر يرفع رأس الحسين عالياً)
الشمر :ـ هذا هو رأس الحسين
( يتراجع الجميع مذعورين خائفين الشمر مع الحصين وسنان )
شمر :ـ كأني امسك بجمرة من نار يا حصين اليك براس الحسين
الحصين :ـ ابعده عني فإني لا أجرؤعلى النظراليه...
الشمر :ـ اليك الرأس يا سنان ولك الف الف دينار
سنان :ـ سأرفع راس الحسين بيرغا على القنا
راية نصر تستميل جائزة الإمير عبيد الله ابن زياد ( يخرج )
عمر بن سعد :ـ وطئوا أفراسكم صدر الحسين
وطئوا افراسكم صدر الحسين
فها انتم قد قتلتم حسيناً
(( دم ))
الفضاء الثاني
قصر الإمارة
(سنان يقدم الرأس الى ابن زياد )
سنان : املأ ركابي فضة و ذهبا *** إني ذبحت السيد المهذبا
وخيرهم من يذكرون النسبا*** قتلت خير الناس اماً وأب
ابن زياد:- مالك توغل في الاثم حد الضلال
ان كنت تدرك .. انه كذلك
فلم قتلته يا هذا ؟
أخرج فلا شيء عندي سوى التوبي
(يضع يده على كتف اورقبة سنان وبحالة من الضجر من هذا الشعر يخرجه خارج القصر)
أبن زياد :- ( برهة صمت ، مع الحاجب)(ثم يتمشى في إرجاء القصر يقول)
حين قدمت الكوفة كنت احمل في الكف مواعيد سيوف
ثم يذهب ويجلس على العرش وأمامه رأس الإمام وبحالة من البهجة ويقول))
وهاهو النصر يلوح اليوم بشائر
وهذا هو حجم انتقامي
صوت الرأس :ـ لا تغتر بنصرك فهو عقيم ...
ستنتصر دماء الحق على سياط الجلادين .
ابن زياد :ـ ( مع الحاجب مدهوش) ايها الحاجب هل سمعت صوتا ما ؟
الحاجب :ـ لا ادري كنت مستغرقاً في الاستماع لحديثك
بن زياد :ـ كأني سمعت صوتاً ما ؟
الحاجب :ـ ومن أين يصدر ؟
ابن زياد :ـ من الرأس ...
الحاجب :ـ ومتى كانت الرؤوس تتكلم بل ومتى كانت الاموات تنطق .
ابن زياد :ـ دعني ورأس الحسين فأنا أريد ان أناجي هذا الرأس بمفردي
الحاجب :ـ أمر الأمير
(ضوء خافت )
ابن زياد :ـ ( يخاطب الرأس ) وأخيرا ايها حسين نحن معاً
وحيدين ، لا ادري ما الذي يشدي اليك
لعله التفوق عليكم انتم آل محمد ...
مجهول الجد يصرع من جده النبي
إن كنت ابن نبيٍ فانطق وان كان جدك النبي انطق
صوت الرأس :ـ يا عبيد الله كن عبداً لله ، ولاتكن عبداً للشيطان
ابن زياد :ـ أهناك احد سوانا هنا ؟
صوت الرأس :ـ لا أحد سوانا أنا وانت ..
ابن زياد :ـ الصوت يصدر منك ..!!
صوت الرأس :ـ الصوت يصدر مني
ابن زياد :ـ ومتى كانت الاموات تنطق ؟
صوت الرأس : ـ الميت من كان يحيا في ضلال مبين
والحي من هو في روح الله يحيا
فانا الحي رغم سكون الجسد ، ورغم هجرة الرأس عن الجسد
ابن زياد : ـ ألم تمت بعد ياحسين ؟
صوت الرأس :ـ كلا لم أمت بعد ولن أموت
الجسد طوي ،لكن الروح تنمو وتزدهر في الأفاق
وكل ما ينموهو حي ، فأنا الحي وانتم الموتى
لأنكم وأرواحكم النتنة موطويون بقعر النارتنتظركم زبانية العذاب
ابن زياد :ـ كلا
صوت الرأس :ـ بل انها الحقيقية
أيها القاتل لنفسه
والظالم لها باتباعك خطوات الشيطان
ستعيش أسيراً في اللعنة
العمر كسير القلب
طريد الذنب حبيس الذلة
ستصبح عاراً يتحاماه الناس جميعاً
ابن زياد :ـ (يصرخ ) ايها الحاجب
الحاجب :ـ (مسرعاً) نعم يا مولاي
ابن زياد :ـ مر شمر أن يجهـّز الرؤوس والسبايا ، ولينطلق بهن الى الشام
(( دم ))
( الفضاء الثالث )
الطريق الى دمشق قرب صومعة راهب
( رأس الإمام منصوب على القنا ، صوت رياح غبار ،الجو شبه معتم ، ثلاثة جنود يستريحون جلوساً تحت القنا )
جندي 1:ـ مذ خرجنا من الكوفة ، وهذه الرياح تطاردنا
جندي 2 :ـ هل حقا ما نراه نصرا ًساحقا ً يهز الميادين ؟؟
الجندي 1:ـ النصر الذي تغنينا به ما هو ألا حماقة .
الجندي 2 :ـ يبدو انها المهمة الأولى لك ؟
الجندي 1 :ـ لا لكن هذا لم يحدث من قبل
قتلت العديد من الرجال وحتى الأطفال
وسبيتُ العديد من النساء،لكن هذا لم يحدث من قبل
كأن لعنة تطاردنا وهي لن تدعنا حتى ندع هذا الرأس
الجندي 2 :ـ إيه ، لاتخف إنه مجرد رأس .
الجندي 3 :ـ ان دم الحسين لم يجف بعد ، وبيدو انه لم يجف أبدا
الجندي 1:ـ بل انه لعنة تطاردنا
( ينظر الى الرأس ويتفاجأ من المنظر )
انظر مايحدث فوقنا الى الرأس ، اترى ما أرى ؟؟!!!
الجندي 2 :ـ ( يلتفت الى الرأس ثم ينهض مذعوراً) غير معقول
هالة من نور تشع من الرأس
(الجندي 1 ينهض واقفاً باتجاه الرأس وكذلك يفعل الجندي الثالث الذي يراقب الرأس مذهولاً )
الجندي 1 : إنه يفتح عينيه النجدة
( يولي جاريا هو والجندي الثاني ، الجندي الثالث يبقى متأملاً المنظر بذهول وخشوع ..)
الجندي 3:ـ يا الهي ماهذا النورالبهي الذي يشع منه
يمتد ليصافح وجه السماء
فتستقبله النجوم والهة يسيل دمعها شهباً !!
صوت الرأس :ـ ايها الجندي تنح عن طريق المجرمين والأشرار
فما هو بطريقك ..
الجندي 3 :ـ من أنت ايها الرأس المقدس؟!!
وماهذه الأنوار ؟؟
بل ما هذه الأصوات الملائكة التي تصدح فوق رأسك ؟؟!!!
صوت الرأس : ـ ألا تعلم أي رأس تحمل ؟؟
الجندي 3 :ـ لا ، قيل لي تولّ حمل الرأس فتوليت ...
صوت الرأس :ـ إنني الحسين وامي فاطمة بنت رسول الله
الجندي 3 :ـ يا الهي أية جريمة قد اقترفت ..
(يبكي ) آه سيدي إقبل دموعي خبزا ساخناً أقدمه هذا المساء
إنها كل ما أملك لأقدمه لك في هذا الليل الذي بكت أنجمه
وخبا صوت وحوشه ، وانطوى الأنس عن سمائه
اصفح عني يا سيدي
صوت الرأس :ـ الآن عرفتني لم يعد لك من صافح ...
أعلم ان ليس للإنسان الا ما سعى ..
وأن سعيه سوف يرى ..
فأغتنم اللحظة التي انت فيها والموقف الذي انت فيه
وتقدم كي تسجل موقفك امام الله ، وامام ضميرك ...
افصح عن هواك وشجونك ورؤاك وافكارك ....
الى كل الناس حتى يعرف القاصي والداني
اي جريمة ارتكبت بحق رسول الله وخاتم النبيين
وأي شرخ احدثته الردة في سور الإسلام العظيم
مسؤوليتك منذ اللحظة تتصاعد هذا قدرك
وضعك الباري جلت قدرته فيه
ابذر بذراتك وانت تسير في طريقك ولتكن مطئنا تمام
الاطمئنان بأن الله ينصر عباده الصالحين .
الجندي 3 :ـ حرام أن تنام الشمس في مهدها
والقمر في فلكه ،والطيور في أعشاشها
والوحوش في أوجارها، قبل ان يشهد هذا الدم على كل حي
وقبل ان يثأر من قتلتك وكل من مس جسدك
دمك يا سيدي سيلطخ وجوه الطغاة
وسيكون النار التي تحيق بهم آناء الليل واطراف النهار
السلام عليك ياسيدي ، وعلى جدك وابيك وعلى امك واخيك
( يخرج )
(يدخل الشمر ومعه الجندي 1 والجندي 2 )
الشمر :ـ ايه ايها الأحمقان ، اتدعيان ان ذاك الراس الساكن قد فتح عينيه
الجندي 1 :ـ اقسم على ذلك لقد فتح عينيه
الشمر : ـ حدقا بالرأس جيداً أتريانه متحركاً
الجندي2 :ـ كلا
الشمر :ـ مفتّح العينين؟
الجندي 1 : ـ كلا
الشمر :ـ انه الوهم من هيأ لكما أنه يرى ويتكلم ..
( يتقدم الجندي الأول وبيده رمح فيضع الرأس الشريف على الرمح ويركنه في أحدى زوايا الدير ) ( يتقدم اليهم الراهب )
الراهب :ـ من انتم ؟؟ وباي دين تدينون ؟؟ وخلف أي نبي تسيرون
الجندي 1:ـ نحن جند الأمير عبيد الله ابن زياد ...
نحن يا أيها الراهب على دين الإسلام ..
ونبينا محمد ابن عبد الله (ص) .
الراهب : ــ ( ينظر الى الراس الشريف ) ماذا ارى ؟ ماذاك النورالباهر؟
ماذا اسمع ؟ ماذاك الصوت المنساب من كل شيئ كأنها
تراتيل الملائكة ترتل أناشيد الحزن تحوم فوق هذا الرأس
وتدور حول فلكه ليصافح وجه السماء .
الجندي 2 :ـ انه الكنز
الراهب :ـ الكنز !!!
الجندي 2 : ـ وقد تساقط من فوق الجسد ، وهوى على الإرض .
الراهب :ـ أي كنز ، وأي جسد ؟
الجندي 2 :ـ إنه الرأس ياهذا ،وهو أغلى كنوز الإرض قاطبة
لانه أغلى الرؤوس ، انه يعادل مملكة يزيد .
الراهب :ـ لمن هذا الراس البهي ؟؟
الجندي 1 : ــ انه راس خارجي يدعى الحسين ابن علي .
خرج على الخليفة ...
فأمر الأمير بقتاله فعالجنا بأسيافنا .....
وقطفنا رأسه عنوان لعنفوان المجد .
الراهب :ـ أتعني هذا رأس الحسين ابن علي وصي نبيكم .
الجندي 1 : ــ نعم
الراهب :ـ يا مطفئي نور الحضارة ..والحقيقة والسلام
( متصاعدا ) يا خانقي الأحلام
اشعلتم ضراوة الأنتقام
يا رافعي علم النذالة
أخليتم وجه الإرض ويحكم من بني علي ؟
يا عاركم الأبدي اذا تشتروا رضاء ابن الدعي
بأن تريقوا دم النبي .
الجندي 1 :ـ نحن ؟
الراهب :ـ يا ذابحي الأنسان وهو يعيش أحلام العدالة
ان الملائك يصرخون ويندبون ويلطمون
والحور في غرف الجنان مولولات
يا ويلكم من ذنبكم يا ويلكم
هل فيكم من بعد هذا اليوم مسلم ؟؟!!!
الجندي 1 :ـ إنا ما زلنا على دين محمد.
الراهب :ـ إنكم قد تشترون الحمد من بعض عبيد الشهوات
إنكم قد تستذلون رقاب الأقوياء
إنكم قد تخنقون الكلمات
لكن التاريخ اقوى منكم
التاريخ حر لا يباع .
الجندي 2 :ـ يا ترى ماذا عسى أن يذكر التاريخ عنا ؟؟
( الراهب يتجه الى احد جدران الدير حيث توجد كتابة قديمة )
الراهب : ـ كلمات دونتها التواريخ
أترجوا امة قتلت حسينا ً .. شفاعة جده يوم الحساب .
الجندي 2 : ـ متى كتبت هذه الكلمات ؟
الراهب :ـ كـُتبتَ قبل ان يبعث نبيكم بخمسمائةِ عام
والله لو كان للمسيح ولدا ً ، لا سكنه أحداقنا
هل لكم في شيء ؟
الجندي1 :ـ وما هو ؟
الراهب :ـ عندي عشرة آلاف درهم تأخذونها .
الجندي 1 :ـ مقابل ماذا ؟
الراهب :ـ تعطوني هذا الرأس يكون عندي تمام هذه الليلة .
الجندي 2:ـ يأيها الراهب هذا الرأس أمانة عندنا
يجب أن نوصله لخليفتنا في الشام .
الراهب : ـ دعوني أعانق أوجاع الرأس المقطوع
دعوه يستكين عند خوافق دمعي .
الجندي 2 :ـ وما الضير هات الدراهم وخذ الرأس
( يدخل الراهب الى الدير ويخرج لهم كيس فيه دراهم يدفعه للجنود ويخرجون من المسرح ويبقى الراهب في وسط المسرح يأخذ الراس الشريف ويضعه على حجر ويبدا بغسله وتعطيره ويبكي ويقول )
الراهب : ـ احمل الرأفة أصداء ً قد تنصفني في الغد ...
من ينسى رأس رتلت له الملاك كي يغفو..
ياأيها الرأس الجليل اصح ..
أنتفض ابصق دما فوق والجوه المذعنات
وعلى النفوس الخاسرات
كيف صنعوا بك هذا طوبى لمن عرفك .
الرأس :ـ ( أَم حَسِبتَ أَنَّ أَصحَابَ الكَهفِ وَالرَّقِيمِ كَانُواْ مِن إَياتِنَـا عـَجَبـا )
الراهب :ـ ورأسك اعجب ياسيدي
صوت الرأس :ـ من طرق بابنا ، وولج عتبتنا
وشرب من مائنا زال عنه كل عجب
الراهب : ـ ايها الرأس المقدس
كيف تؤسر بالتراب وانت عصارة الحياة
احتاج لبث هيامي ان اصرخ حتى ينزف صوتي حد الموت
او يختل كياني الساعة .. حتى ادرك موقع قدمي
صوت الرأس :ـ أدركت الحكمة يا راهب
فلكل زمان قربانه
ولكل زمان فرسانه
ولكل زمان ادواره
الراهب :ـ دعني انظر اليك لتستقر صورتك في قلبي
فعسى تكون معبري فوق نار الجحيم
صوت الرأس :ـ محبتك لي ستكون معبرك وصراطك
فقـوَّ الصراط ودعـّمه
الراهب :ـ عذرا سيدي فانا لا املك إلا نفسي لنصرتك
وأنا اشهد أن لا اله ألا الله وان محمد رسول الله
وان أباك علي ولي الله ، أغادرك وأنا حزين
وكيف لا احزن وأنا أقطع حبل الوداد .
صوت الرأس :ـ حبل الوداد يفرزه القلب وليس الجسد
فما دام القلب ينبض بحبل مودتنا
فحبل ودادنا لا ينقطع
الراهب :ـ ) يبكي ) لا تطلبوا رأس الحسين بشرق أرض أو بغرب
فالرأس مثواه بقلبي
فالرأس مثواه بقلبي
( ياخذ الراس الشريف ويدخل الى الدير )
(( دم )
الفضاء الرابع
(( وصول رأس الإمام (ع) الى دمشق في قصر يزيد ))
الحاجب :ــ مولاي الإمير ان السبايا على دروب دامعة...
ومعهم راس الحسين ورؤوس أهل بيته على مشارف القصر
( يقوم يزيد مسرعا من عرشه وينظر من شرفة القصر وينشد متوهج بالزهو )
يزيد :ــ
لما بدت تلك الحمول وأشرقت تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح ان لم تصح فقد قضيت من الغريم ديون
( يعود الى العرش ويجلس ويدخل شمر الى المسرح )
شمر : ـ ( بيده رأس الأمام (ع)) : ـ
مولاي الأمير .. لقد جئتك براس
من أراد فرقة الأمة راس الحسين ابن علي
يزيد : ـ بوركت يا شمر انك جدير بان تكون سيف من سيوف أمية
( ينادي ) :ـ الي براس الحسين للنعانق نشوة هذا النصر
(يوضع رأس الإمام (ع) امامه )
ويزيد بيده خيزران ينكث فيها ثنايا الأمام (ع) ويقول )
يزيد : ـ
أبا قومنا أن ينصفونا فأنصفت قواضب في أيماننا تقطر الدما
نفلق هاما ً من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق واظلما
انه يوم الحساب ياحسين بل يا علي بن ابي طالب
بل ياآل هاشم،وآل محمد انه يوم الحساب
قد شفيت النفس بموتك ياحسين
صوت الرأس :ـ إن مثلي يايزيد لا يموت
رب ماض لا يفوت
يزيد : ـ شمر هل سمعت صوتاً ما ؟؟!!
شمر :ـ لا ادري كنت مستغرقاً في الاستماع لحديثك القريب من القلب
يزيد : ـ كأني سمعت صوتً ما ؟
شمر :ـ صوتاً ، ومن أين صدر؟
يزيد :ـ من الرأس
شمر :ـ بل لعل ذاك الصوت قد انبعث من كؤوس الخمرة (يضحك )
يزيد :ـ (بعنف وغضب ) شمر إنني لا أهزل بل هو الجد..
شمر :ـ الجد ...وأي جد يا مولاي
يزيد :ـ ان هذا الرأس قد نطق
شمر :ـ ومتى كانت الرؤوس المقطوعة تنطق
السيف هو الناطق وليس الراس
لذلك سأجعل هذا السيف ينطق ( يرفع سيفه يحاول ان يهوي على الراس تتجمد يده في الفراغ ) أنجدي أيها الأمير
يزيد :ـ أنجدك!!!!
شمر:ـ شيئ ما يشل قواي
انني عاجز عن التقدم الى الأمام.
يزيد :ـ تراجع اذن الى الخلف ( يتراجع الشمر تعود يده كما كانت )
الشمر :ـ غير معقول !!!
يزيد :ـ أرأيت .. لم يقتل بعد
صوت الرأس :ـ لم تقتلني يا يزيد بل قتلت نفسك
ولم تظلمني بل ظلمت نفسك
نفسك متردية بسيفك
ونفسك مكتومة بدثارك
فمن يرفع سيف القتل ونار الظلام عنك
بعت نفسك للشيطان وخررت له سجدا
يزيد : ـ أنا كل شيء.. أنا الوجود برمته..
أنا كل ما كان ويمكن أن يكون ..
(بجنون) أنا الكل.. أتسمع ياحسين.. أنا الكل..
صوت الراس :ـ انت سفاح الشهداء
سوف تطاردك الأشباح
في كل مساء وصباح
وستحمل وقر جريمتك الشنعاء وتذرع وجه الإرض
وحيداً ممتهناً هملاً
يزيد : سأجعل محمد ونسله مجرد حكاية
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لا هــلوا واستهــلوا فرحا ثم وقـالــوا يـا يــزيد لا تشــل
قد قتنا القرم من ساداتيهم وعـــدنــاه ببــدر فـــاعتــدل
لست من خندف إن لم انتقم مــن بنـي احمـد ما كان فعل
لـعبت هاشــــم بالمـلك فـلا خــبـر جــاء ولا وحــي نـزل
صوت الراس :ـ اين تمضي من عارك ؟
لا مهرب لك
أن طوفان دم الأبرار حولك
وعليه جثث القتلى تمور
انها تطلب ثأر الله منك
يزيد :ـ من الغالب ياحسين ؟
صوت الراس :ـ اذا قمت الى المسجد في يوم فأذنت
وصليت على جدي وسلمت
ستعرف اينا الغالب
يزيد : (يصرخ ) أعيدوهم الى المدينة
(يظلم المسرح تماما في حين تبقى بقعة نور مركزة ومسلطة على الرأس الشريف وهو يقول هذه الكلامات )
صوت الرأس الشريف :ـ
أيها الناس من رآني فقد رآني ومن لم يرني فأنه بالقلب يعرفني
فلتذكروني عند هذا كله ولتنهضوا بأسم الحياة
كي ترفعوا علم الحقيقة والعدالة
فلتذكروا ثأري العظيم لتأخذوه من الطغاة
وبذاك تنتصر الحياة
فإذا سكتم بعد ذاك على الخديعة
وارتضى الإنسان ذله
فأنا سأذبح من جديد
وأظل أقتل من جديد
وأظل أقتل كل يوم ألف قتلة
سأظل أ قتل كلما سكت الغيور
وكلما أغفى الصبور
ساظل أقتل كلما رغمت أنوف في مذلة
ويظل يحكمكم يزيد ما ..ويفعل مايريد
وولاته يستعبدونكم وهم شر العبيد
ويظل يلعنكم وإن طال المدى جرح شهيد
لأنكم لم تدركوا ثأر الشهيد
فأدركوا ثأر الشهيد
أنا ثأر الله فيكم ...فاطلبوه
أنا ثأر الله فيكم ...فاطلبوه
(( انتهى ))
الشخصيات :
1. صوت الإمام الحسين (ع ) وصوت رأسه الشريف :ـ حيث يجسد ذلك وحسب الرؤية الإخراجية / بسماع صوت يمثل شخصية الإمام (ع) دون ان تظهر شخصية الإمام (ع) على المسرح
2. يزيد بن معاوية :ـ الخليفة الأموي الذي امر بقتل الإمام الحسين (ع)
3. عبيد الله بن زياد :ـ والي الكوفة عام 61هـ
4. عمر بن سعد :ـ قائد الجيش الأموي الذي حارب الإمام الحسين (ع)
5. شمر بن ذي جوشن :ـ قائد ميسرة الجيش الإموي
6. حجارة بن ابجر :ـ قائد الرجالة
7. عمر بن الحجاج :ـ قائد ميمنة الجيش الإموي
8. الحصين بن النمير :ـ احد القادة البارزين في الجيش الإموي
9. سنان ابن انس :ـ قائد بارز في الجيش الإموي وهو الذي حمل رأس
الإمام الحسين (ع) الى عبيد الله بن زياد والي الكوفة
10. الراهب :ـ وهو راهب دير يقع بين بادية العراق وبادية الشام
11. جندي 1
12. جندي 2
13. جندي 3
14. رجل 1
15. رجل 2
16. الحاجب
ملاحظة مهمة :
الروايات التاريخية تؤكد بأن رأس الإمام الحسين (ع) تكلم عشر مرات وبكى مرتان .
أما ماذا وكيف عالجت الرؤيا الفنية ، هذا الحدث المؤثر
ومن الله التوفيق
|