• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رأيٌ في ذكرى المباهلة .
                          • الكاتب : سلمان عبد الاعلى .

رأيٌ في ذكرى المباهلة

تمر علينا هذه الأيام ذكرى المباهلة، وهي مباهلة النبي صلى الله عليه وآله لنصارى نجران، حيث تذكر المصادر أن النبي الأكرم أصطحب معه أهل بيته وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ليباهل بهم نصارى نجران، وهذا هو سبب نزول الآية: ((فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)).
     وهذه الحادثة ذكرتها الكثير من مصادر المسلمين، كمسلم والترمذي في صحيحيهما،  وأحمد بن حنبل في مسنده، والحاكم في المستدرك، والزمخشري في الكشاف، والرازي في التفسير الكبير وغيرهم، فالمسلمون غير مختلفين في شأن هذه الحادثة وإن كانوا مختلفين في دلالاتها.
    لا أريد أن أتحدث عن دلالات هذه الحادثة التي قد يختلف فيها أو حولها بعض المسلمين، ولكن أريد أن أتكلم عن دلالاتها المتفق عليها من قبل الجميع، فالحادثة تثبت صحة هذا الدين، وتدل كذلك على شدة حرص الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لإثبات الإسلام لأصحاب الديانات الأخرى بعدة طرق كان أولها الحوار وآخرها المباهلة.
    غير أننا في هذه الأيام، لا نزال نتحدث عن المباهلة، ولكن ليست مباهلة الرسول مع نصارى نجران، أو مباهلة هذا العالم المسلم مع غيره من أصحاب الديانات الأخرى، وإنما مباهلة هذا الشيخ السني مع ذلك الشيخ الشيعي أو العكس، فالمباهلة أصبحت لا تحدث إلا في أوساط المسلمين، وبين المسلمين أنفسهم، على العكس من مباهلة الرسول الأكرم التي كانت بين المسلمين ممثلة فيه وفي أهل بيته عليهم السلام وبين وفد نصارى نجران. 
    في الحقيقة، إنني أستغرب من كثرة الدعوات للمباهلة في هذه الفترة، فلقد أصبحنا ننتقل من مباهلة إلى أخرى، في مشهد غريب ومريب، وكأن المباهلة أضحت هي الطريق الوحيد لإثبات الحق الذي يدعيه المتباهلون، فهل أصبحت المباهلة هذه الأيام تتم إرضاءً للنفس وللتظاهر أكثر مما هي لأي أمر آخر ؟! .. الله أعلم
    ما أود قوله: أننا في هذا العصر لا نحتاج للمباهلة، وإنما نحتاج لئن نعي الحوار، وأن نثبت مشروعية ما نؤمن به عن طريق الحوار والاستدلال لا عن طريق المباهلة، وإن احتجنا للمباهلة فإنها تأتي بعد حوار وحوار.. أي أنها تأتي آخر الحلول لا أولها، وبعد ثبوت المعاندة الواضحة للحق.
    ولهذا أخشى أن لا يعود هناك حواراً جدياً بين المسلمين، وذلك بسبب هذه الدعوات غير العقلانية التي تدعو كل من هب ودب للمباهلة، وللأسف أن البعض غير ملتفت إلى خطورة ذلك، فهي قد تؤدي إلى تشويه صورة الإسلام في أنظار الآخرين، لأنها تجعل منه دين لا يمكن إثباته إلا بالإعجاز وبالتأييد الإلهي المباشر، في الوقت الذي نجد فيه الآخرين يشددون على قيمة العلم وأهمية العقل.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1583
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14