• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل هي اقدارنا فعلا ؟ ام هي مجرد محض صدفة . .
                          • الكاتب : صادق الحسيني .

هل هي اقدارنا فعلا ؟ ام هي مجرد محض صدفة .

ما اعرفه ان الله يتوفى الانفس حين موتها . ولكن الله يتوفى الانفس ضمن الاسباب الطبيعية للموت . 
الموت ..الموت ذلك اللاشيء الفاصل بين الحياة المؤقتة والحياة الابدية . ذلك المجهول الذي يمر على الجميع دون استثناء بعد ان يستنفذوا رصيد حياتهم ..الموت . الفلاسفة والمناطقة اجمعوا على انه مجهول فالجميع لم يعطي التعريف الدقيق لهذا اللاشيء . نعم اعطوا وصفا وكلا بأختصاصه فالفلسفة الواقعية وصفت الموت بأنه حيلة الطبيعة لضمان المزيد من وفرة الحياة . والفلسفة الوجودية قالت ان المغزى الذي يتخذه الموت بالنسبة للانسان الذي يعرف وحده ان من بين جميع الكائنات الحية ان عليه ان يموت . وهذا الوصف يشبه تماما وصف الفلسفة العقدية من ان النفس البشرية فانية ( كل نفس ذائقة الموت ) . لم يأتي احد على تعريف دقيق لماهية الموت  ولكنهم جميعا اجمعوا على اختلاف آلية الموت وهذا فعلا ما نلمسه واقعيا .
الاب والابن . القاسم المشترك بينهما ليس هو ذلك الشبه الكببر الظاهر على محياهم فحسب . انما كانت هناك قواسم اخرى تبدو غريبة لمن يدقق فيها . فألية الموت تلك تشابهة حد التمام رغم الفاصل الزمني الكبير بينهما  . 
الاثنان كانا مسافران والاثنان كانا يسلكان ذات الطريق (بابل - بغداد ) وعلى نفس الطريق سلب اللاشيء حياتهما . الاثنان حرر شهادتهما ذات المشفى (مستشفى المحاويل) ولذلك حرمت على نفسي ان لا امر على تلك المدينة ما حييت .
والاثنان كان قاتلهما واحد . الاول سلبه هدام العراق حياته ٢٥ / ١ / ١٩٨١  والثاني سلبه ايتام هدام حياته ١٧ / ٧ / ٢٠٠٥ لنفس الدوافع . 
الاول لا اتذكر منه سوى طيف يمر في مخيلتي بين الفينة والاخرى فقد كان عمري عند ذاك الاربع سنوات وقليل . ولكني لسبب اجهله اتذكر جيدا عندما جائوا بجنازته محمولا على الاكتاف ووضعوه في باحة الدار واتذكر ايضا وجه امي المذهولة من  وقع الصدمة عليها فقد عرفت للتو ان زوجها هو صاحب الجنازة فقد جرت العادة ان تأتي السيارة من جبهات القتال تحمل على متنها جنازة وتمر بين الازقة والمناطق حتى تستقر عند باب ما والى ان تتوقف تلك السيارة يقف الجميع وكأنهم يوم حشر عيونهم شاخصة الى تلك السيارة وجميعهم  يتمتم ( جزيهه ياعلي ) .  
الثاني اعرفه جيدا اعرفه اكثر من نفسي فقد كبرنا معا لعبنا معا وتطلعنا الى الاتي معا . تطلعنا الى كل شيء معا حتى دقائق الاشياء تشاركناها معا . لكننا لم نتفق على الفراق ابدا .ولم يكن في حسابنا ابدا  وما زلت الومه كيف لم يخبرني انه ذاهب الى اللاشيء . مع انه في مثل هذه الليلة اخبرني انه ذاهب غدا الى الجامعة . 
في هذا الصباح لم اذهب الى عملي كالعادة وكأني بصوت الناعي يخبرني ان تهيأ فقد رن جرس الهاتف الارضي مبكرا يخبرني ان اذهب الى بابل فقد حدث شيء ما . ماذا حدث ؟ لا شيء ولكن عليك ان تذهب . تيبس الدم في عروقي وللحظة استجمعت قواي لانقل اقدامي التي تخطو خطوة الى الامام وعشرة الى الخلف الى باب دار خالي المرحوم ( ابو زهير ) رحمه الله والذي بحكمته خفف عني ما بان مني عدم الاتزان . واذكر اخي الكبير ابو علي ( حسن كزار) ان جاء بسيارته لننطلق الى بابل والتي لم ندع فيها مشفى الا وبحثنا فيه وانا بين مشكك ومتيقن مما احذره حتى اتصلت بنفس صاحب الرقم ليخبرني ان عليك التوجه الى مدينة المحاويل عندها  اسقط مابي فقد تذكرت ذات المدينة وذات المشفى ولكني مازلت اعلل نفسي وامنيها على الله التوكل .
ووصلنا المحاويل وليتنا لم نصل . ولوهلة استحضرت وجه امي قبل خمسة وعشرين سنة . للحظة كيف سأخبرها وكيف اقوى على ذلك . لم احظى بتوديعه الوداع الاخير ولم اقوى على مشاهدته مضرج بدمائه فقد فقدت وعيي واحمد الله على ذلك . فقد حفرت بذاكرتي صورة ( محمد ) ذلك الشاب الوديع ذلك الوجه الطفولي الباسم . 
ما يخفف ذلك الالم هو اني قد حصلت على جثة فغيري لم يحضى حتى بحق الدفن لموتاهم . 
قوافل الشهداء وانهار الدماء التي سالت دون وجه حق . نساء اطفال شيوخ رجال شبان وشباب .
الرحمة والخلود لشهداء العراق جميعا ورحم الله من اهدى ثواب سورة الفاتحة الى ارواحم الشهداء جميعا وبالخصوص الشهيدين والدي واخي والى روح خالي المرحوم ابو زهير .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=158211
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15