• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الطرق العلمية في الوحدة الإسلامية .
                          • الكاتب : يوسف محمد .

الطرق العلمية في الوحدة الإسلامية

  لقد أكد رسولُ الله محمد (ص) على أهمية الألفة والاتحاد منذ اللحظات الأولى لدخوله المدينة المنورة، ونفذ ذلك عملياً من خلال وحدة التآخي الفريدة، فآخى بين المهاجرين والأنصار وبين المهاجرين أنفسهم والأنصار أنفسهم؛ فقد كان المجتمع الإسلامي آنذاك في مستهل تشكيله، وفي بداية نشأته الأولى، وانه مقبل على امتحان عسير تفرضه طبيعة الدين الجديد والوضع الجديد، والوضع السياسي المحيط بالمدينة، والتحديات لهذا الدين.. فانه أحوج ما يكون إلى الاتحاد ورصّ الصفوف، وإزالة جميع عوامل الاختلاف والتفرقة، ليتمكن من المسير في وجه أعداء الدين الإسلامي من الداخل والخارج للمدينة المنورة التي كانت المركز للدولة الإسلامية الجديدة؛ فكانت المؤاخاة بين المسلمين سبيلاً لجعل الإسلام محور وحدتهم، وأساس ارتباطهم، وقوة تحركاتهم لحماية الدين الجديد بوحدتهم وحماية دولتهم الجديدة.

 لقد قضى رسولُ الله (ص) على العصبية القبلية الجاهلية والنزاعات المختلفة التي كانت تمزق المجتمع آنذاك، وأحلّ محلها حالة جديدة من الألفة والمحبة والإخوة الإيمانية، بحيث لم يذق ذلك المجتمع طعمها من قبل، فأسس وصنع من ذلك المجتمع الجديد والصغير الحجم بقلة عدده، فكانوا قوة كبرى باتحادهم.. وبذلك أفشلت كل المؤامرات التي استهدفت القضاء على الدولة الجديدة، والدين الجديد.
 إن الحديث عن الوحدة الإسلامية في هذا العصر فيه نوع من المثالية وضرب من الخيال، نظرا لما آل إليه المسلمون من التفرق والاختلاف، حتى أصبحوا طرائق قددا.. الأمر الذي يجعل من لمّ الشمل وإعادة اللحمة الإسلامية قضية عسيرة جدا.. وهذا حقيقة تدفع بالكثير من الناس إلى اليأس والاستسلام للواقع المر، وهو لا يزيد الشقة إلا عمقا، والجرح إلا اتساعا؛ وفي المقابل، هناك العديد من المخلصين الذين نذروا أنفسهم للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وسعوا جهدهم لردم الهوة المصطنعة، وتضميد الجراح من التفرقة.. وهؤلاء المخلصون انطلقوا في جهودهم تلك على أساس من الإحساس بالمسؤولية، والشعور بالتكليف الشرعي، والحرص على وحدة المسلمين، ويكون الاتحاد والألفة على أساس القضاء على أعداء الوحدة من الداخل والخارج.. والتعاون هو منهج الحوار الفكري؛ لأنه هدف الإسلام الأساسي، ووصول الناس إلى طريق الحق والارتباط بالحق، كقوله تعالى: (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوانِ..).
 ومن الظروف التي تلعب دوراً مهماً في تعميق الخلافات الاجتماعية والفكرية والسياسية وغيرها وتطورها التي تخلق الأرضية المناسبة لاستغلالها من قبل أعداء الإسلام.. ومن هذه الظروف التأثر بالأجواء الاجتماعية الموروثة أو الدخيلة على المجتمع الإسلامي، والذي يقود بصاحبه إلى الانحرافات والاختلافات في الرأي. 
أما التأثير الثاني فهو النفوذ السياسي أو المكانة الاجتماعية العالية، مما يؤدي إلى إتباع منهجهم الفكري والابتعاد عن المناهج الأخرى، وبالتالي يتحول ذلك إلى مذهب خاص له مؤيدوه، ولذلك تبقى الميول والمصالح السياسية والاقتصادية لها تأثيرها الكبير في تبني نوع خاص من الرؤى، بما يتناسب مع تلك الميول. وأيضاً من الأسباب الأخرى، وجود حركات سرية للمنافقين والمخربين للبلد الذين يهدفون إلى زعزعة البلد والدين الإسلامي، وتشويه حقائقه؛ فالخطوات العملية في طريق الوحدة والاستقرار تتخلص في وضع برامج توحيدية وندوات مستمرة في كل مكان، لتوضيح أن الدين الإسلامي واحد، والدين واحد، والحقيقة واحدة، والرب واحد، وقول رسول الله (ص) وفعله وتقريره حجة على العالمين.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157893
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12