إن تسمية (عاشوراء الصغير) التي يطلقها أبناء مدينة كربلاء على موسم الأحزان الفاطمي لم تأت بشكل عفوي أو اعتباطي، بل هي نابعة من فهم عميق لمصيبة مولاتنا الزهراء (ع)، وإدراك كامل لمدى الترابط الوثيق بين هذه المصيبة وفاجعة كربلاء.
وهذه العلاقة جاءت وفقاً للقواعد الشعائرية التي رسختها أحاديث وروايات أهل البيت (ع) التي جعلت من مصيبة الحسين (ع) هي الأولى وفقاً لقولهم: لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، ليأتي بعدها مصاب الشيعة بأم الأئمة الأطهار (ع).
فنجد مواكب العزاء الكربلائية التي تحيي ذكرى الزهراء بجوار مرقد ولدها (ع) تعبر في ممارساتها الشعائرية عن هذا الترابط بين المصابين بأدق التفاصيل، والمفردات العاشورائية والفاطمية: كقتل الأطفال، وكسر الأضلع، وإضرام النيران، والضرب والاعتداء.
لتعلن هذه المواكب للعالم اجمع أن نهج آل محمد هو واحد ابتداء من الرسول الأعظم (ص)، ومروراً بالزهراء (ع)، وانتهاء بالحجة بن الحسن (عج)، مهما تعاقبت الدهور والأزمان، ومظلوميتهم هي واحدة من قبل اتباع الجبت والطاغوت الذين لم تتغير سوى مسمياتهم.
فتعظيم هذه الشعائر الفاطمية يهدف إلى بيان مدى الخسران الذي لحق بالإنسانية جراء ظلم الزهراء (ع)، وهذا ما أشار إليه ولدها الإمام الحسن الزكي (ع)، في إحدى خطبه قائلاً: (فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا، وحمل الناس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفيء والغنائم، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها. إنا لا نسمي أحداً، ولكن أقسم بالله قسماً تالياً، لو أنّ الناس سمعوا قول الله (عز وجل) ورسوله، لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان، ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة).
|