تبدو الصورة قاتمة في مجتمعاتنا الاسلامية بطغيان التفكير العدواني ضد الاخرين، وهذا ينشأ بطبيعة الحال من عدم وجود العناية الأسرية، وإختفاء دور المرأة الاصلاحي بإعداد المجتمع الصحيح، لذا نرى للمرأة الدور المهم في تربية الأجيال الجديدة في العراق؛ وكان من نتاج هذا التغير في مجتمعنا وجود الارهابي بيننا، يذبح، يفخخ، يعطل التنمية، يحرق الوطن، ولا نعرف أنه جاري او جارك أو أقاربي وأقاربك فهم من نسيج المجتمع، لكنهم انحرفوا بعقائدهم وسلوكهم.
فالنخب النسائية تشيع ثقافة السلام ثقافة الوئام ثقافة المحبة بين أفراد المجتمع الواحد ربما يقول قائل: إن مجتمعات ذكورية ولا مجال لصوت المرأة أن يسمع، وللجواب على مثل هذا التساؤل: هو أن الأم المربية على أساس الشريعة ذات حظوة كبيرة في الإعداد الصحيح للأبناء، أما العاق لوالديه ولمجتمعه فوسائل الضبط كثيرة والردع والقوانين تلزمه بالرضوخ الى إرادة المجتمع، وعدم المساس بحياة الآخرين.
الذكورية وممارسة الاستبداد ضد المرأة:
في عالمنا الثالث هناك تراكمات من الممارسات المخطوءة بحق المرأة والتي كانت في الجاهلية ممارسات ممقوتة وحرمها الإسلام والتشريع، وكذلك سنت القوانين بالالتزام بها، لكن لازال المجتمع الذكوري يمارس سلطته الابوية بإفراط، وبالتالي يصادر حقوق المرأة، لذا فدور النخب النسائية المضي بكشف ليس فقط الأساليب التي تهين وتسلب الحقوق، كالإيذاء الجسدي، وإنما تشمل العنف والتهديد والتلويح، بالطلاق؟! وسبل حفظ الحقوق وحق اختيار الزوج.. هل بإمكانكم أن تحفظوا حق الأخت بحصتها في الإرث فيما لو أُكرهت على التنازل عنها، فالإرث يحفظ الحقوق ويحقق العدالة بين أفراد الأسرة ذكوراً وإناثاً.. كذلك العنف بأشكاله المختلفة من شأنه أن يفرغ الحياة الزوجية من محتواها الإنساني، ويجعل منها هيكلاً خالياً من الروح والحياة! وهو سبب رئيسي في انهيار الحياة الزوجية بما له من آثار إجتماعية سلبية.
من هنا للنخب النسائية الدور الكبير في رفع الحيف والممارسات الدنيئة ضد المرأة، يقول السيد محمد حسين فضل الله: (في عملية تنمية المرأة كعضو فاعل في المجتمع، وهذا يمكنها من التحرك في أداء دورها الطبيعي المتمثل في عدد من المهام منها: اشاعة مفاهيم التنمية في الحياة الاجتماعية، والعمل على اساس ايجاد مبادرات في الأماكن التي تستطع فيها أن تتحرك بحرية، وأن تعمل في خط جهادي طويل على اقناع الرجل بأنها إنسان، وأنها تستطيع أن تقوم بعملية التنمية، سواء أكان ذلك على المستوى الثقافي أم الاقتصادي أم الاجتماعي كما يقول الرجل؛ لأن الطاقة ليست بأقل من طاقاته عندما يتم استخدام هذه الطاقات). بالطبع المسؤولية مشتركة تضامنية بين الرجل والمرأة لانجاح أي مشروع سواء كان لمصلحة الاسرة او المجتمع، يعبر عن ذلك الدكتور جليل علي لفته بكتابه (في المسؤولية سواء) فلابد أن يكونا في وعي المسؤولية سواء، ولكن كلا على قدر طاقته وتحمله، فالمرأة من وجهة نظر اسلامية مكلفة بالدعوة الى الله تعالى، وبناء المجتمع بمقدار الطاقة والمقدرة، كما أن الرجل مكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن خلال قدرته وطاقته، فقد فرض الله الجهاد على الرجل دون المرأة في حالة الهجوم، اما في حالة الدفاع عن بيضة الإسلام فالكل مكلفون بهذا الواجب ولايسقط عن أحد..).
النخب وإدامة الحضور الفاعل للمرأة:
علي الخباز, [٠٣.٠٧.٢١ ١١:١٤]
على مستوى التجربة العراقية في التحولات الجديدة من النظام الفاشستي الى الديمقراطي، كان للنخب النسائية الحضور المهم والفاعل من خلال المشاركة بالانتخابات، التي تحمل مضامين اجتماعية، وسياسية، وثقافية هامة، وأيضاً لما ينتج عنها من نتائج حاسمة في حاضرنا ومستقبلنا، والدور الطليعي والريادي للمرأة المسلمة في إدامة الحضور المكثف الى جانب الزوج والاخ والابن.. وإذا كان الهدف الأساس من التنمية هو سعادة البشر وتحقيق النمو والتطور وتلبية حاجاتهم، والوصول بهم إلى درجة ملائمة من التطور في كافة المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية وتعميق إنسانيتهم، فإنها فى حد ذاتها لا تقوم إلا بالبشر أنفسهم الذين هم أهم وسائل تحقيقها، لذا تصدت المرأة ونخبها لخوض غمار المشاركة الفاعلة في العراق، في حين أننا نرى الخلافات في دول الجوار حول حقوق المشاركة السياسية للمرأة وحتى بقيادة السيارة، فيما تجاوزت النخب النسائية العراقية بفترة وجيزة تأسيس مقومات حضارية للنهوض بواقعها وبالتالي بالوطن ومسؤوليات بنائه المشترك، فأصبحت فقيهة، ومحامية، وطبيبة، ومدرسة، وشاعرة، وفنانة، وأديبة.. وإلى الآن ما زالت النساء في المجتمعات الإسلامية تئن من التخلف والحرمان، تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها ويمارس بحقها التعسف، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير البيت وتوجه اقتصادياته، وهي بنت أو أخت أو زوجة، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به بالمجتمع هامشياً، فيما شرع لها الإسلام منذ أربعة عشر قرناً الاستقلالية بشخصيتها الاقتصادية، وحريتها الكاملة في التصرف بأموالها، وحرية اختيار الزوج، وحتى ثمن الرضاعة اذا طلبته؛ لأنها في هذا كالرجل سواء بسواء، ولها الحق في أن تمتهن أي مهنة تحبها وتختارها، ولها أن تنتخب وتُنتخب في أي مجلس تشريعي ونيابي أو سياسي أو اقتصادي أو مؤسساتي دون الحجر على ارادتها وحريتها، لذلك النخب النسائية الاسلامية تستطيع توظيف الحقوق الشرعية التي سنّها الشرع المقدس لصالح الجميع من النساء والرجال.
|