• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سطور بنكهة البارود .
                          • الكاتب : هاشم الصفار .

سطور بنكهة البارود

  في كل عام وعند إطلالة شهر آذار، لا بد لنا من استذكار الانتفاضة الشعبانية، ومواقفها البطولية في مقارعة الطغاة، لنيل الحرية والخلاص من عقود الظلم السوداء لحثالة البعث وطاغيتهم المقبور... فلا بأس من استعراض بعض المقدمات التي سبقت تلك الانتفاضة الباسلة:
فبعد حروب طاحنة مع الجارة إيران، جاءت على الغث والسمين، والأخضر واليابس، ولم يتبقَ إلا النزر اليسير من أبناء البلد الذين لم يتضرّروا من هذه الحرب، حيث بات المجتمع في ظلّ هيمنة عسكراتية حوّلته إلى اللون الزيتوني والخاكي، ثم إلى اللون الأسود بعد سيل من المصائب والمحن... أيُّ شعب يستيقظ يومياً على جار شهيد، أو أخ معدوم، أو أب معتقل، أو مدن مُدمّرة تغفو على أنين الثكالى..
 إن هذا الوضع المزري ما كاد أن ينتهي حتى غزا المجرم صدام وجلاوزته الجارة الكويت، لتختلط الجراح، ويفقد المجتمع العراقي آخر أمل له في طيّ صفحة الماضي، وبدء حياة جديدة بلا منغّصات من رائحة البارود، أو أشلاء موتى، أو حتى ذكرى عزيز لم يحفل أهله برؤيته قبل إعدامه، ودفنه بعيداً عن مرابع طفولته ولدّاته...
 وبعد أن سحقت الأسلحة الفتاكة لقوى الغرب فلول الجيش الصدامي الغازي، ما كان للشعب الممزق إلا بقايا رمق من حرية ضائعة على مذبح السراب في بلقع قاتل، لينهض نهضة الأسد الجريح الذي أعيته الدهور، وليشمّر عن ساعدين مُثقلين بالنكبات، مقدّماً أبناءَه الشجعان لمسرح التضحية والفداء، ليذيقوا الطواغيت جحيماً أسود لم يحسبوا له حساب؛ فعلى مدى عقود من الزمن المكفهر، مارس فيه الطاغية شتى أنواع القتل والتعذيب والهدم والنسف، بحقِّ أمة لها تأريخها العريق، بل بحقّ شعب كانت له كلّ أسباب ومقومات الرقي والتقدم، من عقول نيِّرة، إلى موارد وثروات لا حصر لها، سخّرها العفالقة المجرمون لإرجاع مدننا الصابرة إلى عصور الجهل والظلام، ومسخ تراثنا وهويتنا بين الأمم، حتى بات العراقيون مشرّدين في كلِّ أصقاع الأرض وأطرافها المترامية...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157634
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13