من مواطن الاختبار الخطيرة في الحياة هو أن يحصل الإنسان على منصب رفيع أو موقع مهم في الدولة , حيث يجعل منه أميناً على مصالح الناس وحقوقهم , فينبغي توخي الحذر والحيطة من التصرف الشخصي بذلك المنصب لأنه سيكون سبباً في إلحاق الضرر بالناس قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ ( النساء : 58 ) , فالأمانة قيمة إنسانية وأخلاقية أكدت عليها رسالات السماء وحذرت في الوقت نفسه من السقوط في نقيضها – الخيانة - .
فعندما ينمو لدى المسؤول شعور بالقدرة والاعتزاز تبدأ عنده حالة من خداع النفس حيث يغير سلوكه وتعامله مع المحيطين به ويبدأ يتخلى عن ثوابته والتزاماته شيئاً فشيئاً , ورد عن أمير المؤمنين (ع) انه قال : أما بعد , فان حقاً على الوالي أن لا يغيره على رعيته فضلٌ ناله , ولا طولٌ خُص به , وان يزيده ما قسم الله له من نعمه دنوا من عباده , وعطفاً على إخوانه . ( نهج البلاغة , كتاب : 50 ) . فالعدل والإحسان والإنفاق والأمانة قيمٌ يؤديها الحاكم فيكسب بها رضا الله تعالى , وفي مقابل ذلك – التنكر لهذه القيم – يكون الخزي في الحياة الدنيا لكل ظالم وخائن ثم تنتظره العقوبة الأخروية , وعليه فالحاكم الذي لا يخاف من الله تعالى تجده لا يخاف من الناس ويشعر نفسه انه صاحب الفضل حتى في حقوقهم التي يستحقونها في مقابل خدماتهم للبلد , فيعتبر استحقاقهم للرواتب مثلاً فضلاً ومنة عليهم , وكذلك الماء والكهرباء والخدمات الأخرى مكرمة , وحق التعليم والحرية هبة وهكذا .
والحقيقةُ انه ينبغي للمواطن أن يعي حقوقه وان تكون شخصيته قوية حين المطالبة بها مستخدماً الوسائل المتاحة في ذلك كالقضاء والإعلام وتحريك الرأي العام وغيرها , صحيح يمكن القول انه ليس هناك ما يضمن للمواطن أن يصل الى حقه ولكن يكفي أن يقوم كلٌ منا بواجبه والسعي قدر الإمكان لقطع طريق الفاسدين , فان لم تصل أنت سيصل إليه غيرك من بعدك .
|