تعتبر القارة الافريقية أرضاً خصبة لاستقبال كافة الأفكار والعقائد والديانات؛ وذلك بسبب الحرمان والفقر الذي يعيشه أبناء هذه القارة المظلومة، ولذلك فقد استغل هذا المناخ أصحاب الديانات المنحرفة وحملة العقائد المعادية للنهج الإلهي وخاصة من قبل التبشيريين والنواصب من أعداء أهل البيت (ع)، وقاموا بتسخير كل امكاناتهم الاقتصادية والسياسية والإعلامية من أجل جذب هذه الشعوب الى دياناتهم وعقائدهم مقابل بعض المغريات المادية والمعنوية.
ولكن مع وجود كلّ هذه القوى العظمى، يشعّ نور الهداية العلوية في بقاع مختلفة من هذه القارة، فنجد في أقصى بقاعها وقراها النائية راية ترفع لآل بيت النبي (ص)، وبوجود بعض المساعي المتواضعة من قبل عدد من المؤسسات الدينية هنا وهناك، والتي تعمل على نشر فكر وعقيدة أهل البيت من خلال وسائلها المتواضعة وأدواتها الاعلامية البسيطة.
(صدى الروضتين) التقت بكيندي الكساندر، وهو أحد الأفارقة الذين أُضيئت بصيرتهم بنور الولاية، والذي جاء زائراً لمرقد أبي الفضل العباس (ع) خلال الزيارة الأربعينية، فتحدث عن نفسه قائلاً:
أنا أسكن حالياً في بلجيكا، وأعمل هناك في مهنة المحاماة، وقد بلغت من العمر (45) عاماً، وعشت طفولتي وشبابي في (الكونغو) والتي تعتبر ثاني أكبر بلد افريقي. اهتديت إلى طريق أهل البيت عام (1997) خلال وجودي في الكونغو. وبالنسبة للغة التي أتحدث بها فهي الفرنسية، وهي اللغة الأساسية في الكونغو، بالإضافة إلى أربع لغات محلية.
ثم تحدث عن طريق استبصاره قائلاً:
أنا أعتبر هدايتي إلى طريق العترة الطاهرة (ع) قد جاء عن طريق نداء من الله سبحانه وتعالى، وقد لبيت هذا النداء بتوفيق منه (جلّ وعلا)، ولكن أسباب استبصاري قد جاءت من خلال البحوث والدراسات واللقاءات العديدة التي كنت أقوم بها مع عدد من رجال العلم في كافة الجوانب العقائدية والتاريخية، حتى أصبحت شيعياً بحمد الله تعالى، فهذه نعمة كبيرة بل أعظم نعمة تُمنح للإنسان.
وعن نظرته الى التشيع في السابق قال:
لقد كان المشايخ يمنعوننا في الكونغو من البحث عن التشيع، فعندما كنا صغاراً كانوا يخبروننا بأن الشيعة خارجون عن الإسلام، وأنهم يتبعون أناساً غير مسلمين، ويقولون أيضاً: إن الشيعة يعتقدون بأن جبرائيل أخطأ حينما أنزل الرسالة على النبي محمد (ص)، وغير ذلك من الأكاذيب التي تحاول الفرق المنحرفة نشرها ضد أتباع أهل البيت ونهجهم الاسلامي الصحيح.
ولكننا بالمقابل كنا غير مقتنعين، ونطرح التساؤلات عن التشيع؛ لأننا كنا نشعر بأنه هو الصواب من ناحية إتباع نهج أهل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ثم ذكر ممارساتهم الشعائرية في بلجيكا:
هنالك الكثير من الحسينيات في بلجيكا، وبحمده تعالى عندما تكون لدينا فسحة من الوقت، نشارك في الأعمال والشعائر الحسينية خلال مناسبات أفراح وأحزان أهل البيت (ع)، وفي أيام المحرم والأربعين.
بعدها تحدث عن ردة فعل المحيطين به حينما استبصر:
عندما تشيّعت كان أصدقائي من المذاهب الأُخَر لا يتقبلون هذه الفكرة، ولكنني عندما أردت مغادرة البلاد، أصبح نصف المنطقة التي أقطنها من الشيعة، وبدخولي الى التشيع استطعت بحمد الله تعالى جذب الكثير من الناس الى طريق أهل البيت من خلال البحث معهم عن الحقيقة.
أما بالنسبة للعائلة فقد كانت متفهمة لاستبصاري، فوالداي هما على الديانة المسيحية، فالاستعمار الاوروبي للكونغو دفع جميع العائلات الى اعتناق المسيحية، وبقوا على ديانتهم الى اليوم، لكنني عندما أتكلم مع والدتي عبر الهاتف توصيني دائماً أن أذهب الى الجامع أو الحسينية، وأن أكون ملتزماً ومؤمناً، وأن لا أنحرف عن الطريق المستقيم.
وعن الحركات المنحرفة التي تنتشر في الكونغو قال:
لقد قام الوهابية وبإعانة من الحكام في السعودية ببناء المساجد والمقرات، وبدأت الحركات الوهابية بإعطاء المال الى الكونغوليين ليجذبوا الناس إليهم، ولكن أبناء الكونغو في نفس الوقت عندهم جدار صدّ يحميهم من الانحرافات، وهو حب العلم والقراءة والبحث، فيقاومون هكذا نوع من الحركات الضالة المضلة.
ثم تحدث عن كيفية نشر التشيع في افريقيا:
من أجل إيصال التشيع الى افريقيا، يجب القيام بالكثير من العمل عبر المنتديات والمحاضرات والبحوث من قبل المشايخ الكبار والعلماء والمؤسسات الدينية والثقافية... فعلى سبيل المثال، هنالك شيخ لبناني قام ببرنامج عبر التلفاز باللغة الفرنسية، وعلى إثره جذب الكثير من المشاهدين الكونغوليين، فالأفارقة بشكل عام يتحدثون الفرنسية، لذا يتطلب الاهتمام بإقامة محادثات ومنتديات باللغة الفرنسية من أجل نشر فكر وثقافة أهل البيت، وخاصة أن الحكومة في الكونغو تعطي حرية كاملة هناك.
وعن زيارته إلى مدينة كربلاء قال:
إنها المرة الأولى التي أزور فيها كربلاء، وأطلب من الله تعالى أن لا تكون الأخيرة. وقد دعوت الله وتوسلت بالأئمة أن يأتي معي في السنة القادمة مجموعة من اتباع أهل البيت إلى كربلاء في زيارة الأربعين.
|