• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراقيونَ المغُتربون بينَ مرارةِ الإِبعاد وتحدّيات الهَويةِ والانتماء .
                          • الكاتب : صدى الروضتين .

العراقيونَ المغُتربون بينَ مرارةِ الإِبعاد وتحدّيات الهَويةِ والانتماء

 أحداثٌ مضنية مرّت على أبناء العراق في ظلِّ تعسف السلطة الحاكمة إبان العهد الماضي التي سخّرت أذنابها بأساليب بعيدة عن حقوق الإنسان لاضطهاد العُزَّل من المواطنين، بل وتعدى ذلك بنفيهم لخارج البلاد، فهاموا في أصقاع الأرض بحثاً عن أوطان تأويهم، ومواجهة تحديات أُخَر، تمثلت بعدم الاعتراف بشرعية انتمائهم.. لكنهم صمدوا وأظهروا معدنهم الأصيل، وأثبتوا ولاءَهم للنبيِّ وأهل بيته (سلام الله عليهم أجمعين) رَغْم كلِّ الصعوبات والمحاولات الجبانة لأعداء أهل البيت (عليهم السلام) في التشكيك بعقيدتهم، لكنهم ثبتوا على ولائهم، وحفروا أسماءهم على صخرة التاريخ الشيعي في السويد.
الأستاذ وليد عباس أحد مؤسسي تجمع الوحدة الإسلامية في السويد، ومسؤول الاتحاد الشيعي في محافظة (أوب سالا) كان ضمن الشخصيات التي حضرت مهرجان ربيع الشهادة العالمي الثامن.. التقته صدى الروضتين لتتعرف إليه، فتبيَّن أنه من أصلٍ عراقي نُفي لخارج البلاد بتهمٍ وأحكامٍ غريبة، بعد أن اعتقلته السلطة الدكتاتورية السابقة في ثمانينيات القرن الماضي، لينتهي به المطاف إلى السويد. 
صدى الروضتين: كيف وصلتم إلى ما أنتم عليه الآن؟ 
 وصلنا إلى ما نحن عليه بعد مدة طويلة من العناء والعمل المتواصل لإثبات انتمائنا وهويتنا؛ لأنّ الحكومةَ في السويد كانت لا تعترف بنا كمسلمين..! ومن بعد المحاولات المتكررة تم الاعتراف بنا، فبدأنا العمل بتنظيم العديد من الاجتماعات مع الإخوة الشيعة في الحسينيات، لتأسيس (الإتحاد الشيعي في السويد).
وبعد الاتفاق، تم تقديم الأوراق الرسمية الأصولية للدولة، والتي تثبت أننا مسلمون من الشيعية الإمامية الاثني عشرية؛ وكانت الدولة في بادئ الأمر ترفض؛ لأنها ترى أن الرابطة الإسلامية (وهي مؤسسة كبيرة تضمّ كلّ المسلمين في السويد) لا تعترف بنا كمسلمين، ولكن ما إن اطلعت على الأوراق المقدمة اعترفوا بنا كجالية شيعية مسلمة، ولها طقوسها وعباداتها...
 ومن بعد هذا جعلونا تحت المجهر لمدة سنتين، وهذه المدة تعتبر كامتحان لنا (وهو أن يعترفوا بنا كجالية شيعية مسلمة، ولكن ليس لها دعم مادي أو معنوي أو ما شابه ذلك لمدة سنتين، لكي يروا هل نحن ثابتون على عقيدتنا، متمسكون بما أسسناه ونعمل عليه). ومن ثم اعترفوا بنا رسمياً، وأصبحنا والجالية السنية تحت ما يُسمى بالرابطة الإسلامية في السويد، والرابطة السنية بدورها تتجزأ لخمس مجاميع، أي خمسة أصوات مقابل صوت واحد للشيعة، مما حمّلنا عبأً كبيراً، وجعلنا نعمل بجد من أجل تقديم الخدمة لأهلنا ومذهبنا.. وثمرة هذا الجهد وبفضل الله تعالى وأهل البيت (عليهم السلام) أنه عندما تكون هنالك انتخابات أو غيرها من الأمور التي يكون الاختيار فيها عن طريق الأصوات، تراهم كلهم يقفون ضدنا، لكن في النهاية نحن نفوز..؟!
 والدليل على ذلك نحن الآن نترأس الرابطة الإسلامية، وكل الإخوة في الرابطة الشيعية يعملون في هذا المجال، لكي نثبت وجودنا في هذه الدولة، وأنا من ضمنهم، والحمد لله أصبحت بعد ذلك مسؤولاً في محافظتي.
صدى الروضتين: كونك شيعياً يحتم عليك خدمة مذهبك، سواء بالعمل أو التصرف الحسن، لعكس صورة جميلة عن الشيعة؟
هذا ما نصبوا إليه ونعمل عليه، فالالتزام كان يحتّم عليّ أن أرى نفسي بالدرجة الأولى كمسلم، وبالدرجة الثانية (وهي الأهم) هو أنني من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ وما يطلبه أمير المؤمنين في الحدّ الأدنى أن نكون عند حسن ظنهم بما نعمله، وأن نكون قدوة في سلوكنا وعبادتنا وكلامنا مع الناس، فلذلك نرى اليوم الصورة الإيجابية التي انعكست من خلال هذه الممارسات لدى المجتمع السويدي، وأصبحوا ينظرون إلى المسلم الشيعي بنظرة خاصة تختلف عن عامة المسلمين... فهم يقولون أن الشيعي عنده من يراه مع الله سبحانه وتعالى، ويقصدون بذلك الإمامَ علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) واليوم يرَون المذهب الشيعي على أنه دين الحق، ولذلك عندما تكون هنالك شعائر او طقوس أو مظاهرات أو مسيرات خاصة يترأسها الشيعة فإنهم يقولون: نحن في أمان. 
صدى الروضتين: كيف ترى انتشار التشيّع في هذا البلد؟
انتشر مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وتغلغل في داخل المجتمع السويدي، وبدأت تظهر آثار ذلك بدخول أعداد كبيرة اعتنقت هذا المذهب، ويعود الفضل الأكبر للعراقيين بصورة عامة، حيث إنهم أينما ذهبوا أسسوا الحسينيات، ومارسوا الطقوس والشعائر، وكذلك للدور المهم الذي تبديه المرجعية (أدام الله ظلها)، حيث إنهم يعملون بجهد كبير في إيصال كلّ ما يخدم المذهب لهذه الدولة، وكذلك يردون على الاستفسارات والمراسلات والاستفتاءات، وأيضاً يرسلون المبلِّغين.
صدى الروضتين: كيف تنقلون ثقافة أهل البيت (عليهم السلام) إلى هذا المجتمع؟
إن ثقافة أهل البيت (عليهم السلام) هي العمل وليس الكلام فقط؛ لأن اللهَ سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ)، فهذا المكان مكان العمل وخصوصاً ونحن في بلاد الغربة، فالمجتمع السويدي ينظر إلى عملك ومصداقيتك، فالكلام كثير ولكن الحمد لله تعالى من خلال عملنا واختلاطنا في المدارس والمؤسسات، وضعنا أساساً قوياً نعتمد عليه لنرسخ المبادئ السامية داخل المجتمع السويدي؛ فمن هذا الباب فتحوا قلوبهم للكلام أو للصداقة، ودخلنا من باب الصداقة والنصيحة لنساهم في انتقالهم ونجاتهم من الظلمات، ليتنوروا بالمنهج القيّم لأهل البيت الأطهار (عليهم السلام).
صدى الروضتين: ماذا عن المضايقات التي يتعرض لها أتباع أهل البيت (ع) في هذه الدولة؟
 المضايقات تأتي من قبل المسلمين وليس من السويديين وهي كثيرة، مثل: الإعلان بكفرنا وشركنا من قبل الزمرة المضادة المعادية لنا ولمذهبنا، ورَغم كلّ ذلك، نرى هنالك من الذين اعتنقوا المذهب وأعلنوا استبصارهم، وكذلك العديد من الذين يرَون أننا على حقّ ولله الحمد وهم من المسلمين من مدرسة الصحابة (المغاربة والجزائريين)، وأيضاً الكثير من المستبصرين السويديين الذين تمسكوا بهذا المذهب، بعد أن تبيّن لهم أنه دينُ الحق.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157449
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13