• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : نحو مسرح حسيني اسلامي  (الحلقة الأولى) .
                          • الكاتب : عبد الرزاق عبد الكريم .

نحو مسرح حسيني اسلامي  (الحلقة الأولى)

 العروض المسرحية الحسينية والإسلامية تتمتعُ بميزة إمكانية تقديمها في الأمكنة والساحات العامة، والتي تحوي الفنَّ الهادف والجاد بناءً ومضموناً وتصوراً ورؤية، وقد تُقدّم تلك العروض في المسارح الاعتيادية التي لا تتنافى مع مبادئ الشرع الإسلامي، وتعاليم العقيدة الإسلامية الصحيحة.
 ويمكن أيضاً تنويع الأزمنة (الماضي والحاضر والمستقبل)، وذلك في عمل مسرحي واحد أو أكثر، كما هو حال المسرح الاحتفالي، الذي لا يختلف كثيراً في جوهره ومنطوقه وبنائه وصياغته ودلالته (موقفاً ورؤية).
 تقوّم المسرحية الإبداعية والأدبية أسلوبياً، سواء في المسرح الإسلامي أو غيره من المسارح المعروفة في الغرب والشرق، على الحوار الخارجي والحوار الداخلي والحوار الصامت؛ لذا يُشترط في الحوار أن يكون حواراً واضحاً مُعبِّراً وهادفاً مبتعداً عن الحشو والمبالغة.
كما يجب أن تكون لغة الأداء والتشخيص والتعبير راقية وسامية سواء أكانت اللغة فصيحة أم عامية، على أن تكون اللغة المسرحية بمنأى عن الابتذال والإسفاف، وألا تخدش الأخلاق والحياء والمروءة، ومعنى ذلك أن تكون لغة العرض والكتابة على حدٍّ سواء لغة نقية وصافية ومُهذبة ومعبّرة تهدف إلى بناء الإنسان بناء دينياً صحيحاً.
ويجب الابتعاد عن الصراخ غير المبرر والإيماءات المعتمة، والخطب الفارغة، والحوارات العبثية التي تعيق إيصال المفردة المطلوب إيصالها، وكذلك التواصل مع المشاهد - كما هو الحال في بعض المذاهب المسرحية -، والابتعاد عن الغموض والإبهام، كما ينبغي التحرر من لغة الأسطورة الوثنية.  
إن الحياة المعقدة في الغرب، والخواء الروحي، والتخمة المادية، والنمط الميكانيكي للحركة اليومية، والتفكك الأسري، وطغيان الفردية، والفوضى الفكرية والسلوكية تحت شعار الحرية، والأمراض النفسية الفتاكة، إذا كان هذا كله قد أفرز في الغرب آداباً وفنوناً معتلة، فما معنى أن نختط لحياتنا في الشرق تصوراً شبيهاً لما يجري في هذا الغرب؟ أيمكن القول: إن السلطة القاهرة الجائرة قد خلقت جواً مناسباً شبيهاً لما يجري في الغرب.
 إن البناء النفسي للشعوب الإسلامية، وتكوينها ومثلها العقائدية والاجتماعية يمكن أن تقيها شرّ هذا الفساد، ولا بدّ أن نجهز على الفكرة القائلة بأن الإبداع هو الغموض، والصور الفنية المبهمة التي تتدفق من تيار الوعي واللاوعي، فمسؤولية الكلمة – إن كنا نؤمن بها - تقتضي الوضوح دون إهدار للقيم الفنية الجمالية. 
   لا بدَّ أن تكون لغة المسرح الإسلامي مؤثرة ومقنعة، وقوية بالحجة والدليل والبرهان، وتكون أيضاً لغة جميلة وساحرة البيان مصداقاً لقوله الرسول الكريم(ص): (إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا). وأن تكون كذلك قادرة على الإقناع الذهني والعقلي والوجداني عبر التطهير الأخلاقي والتهذيب الديني.
 وبالأخير، تعتمد هذه اللغة على المأثور من كلام الله وهدي النبي (ص) وأحاديث أهل البيت (ع)، كما تستند إلى الأمثال والحكم والأشعار والأخبار والحكايات الشعبية والموروث الفني والجمالي تناصاً وخلقاً وإبداعاً... وكل ذلك بعيداً عن التقريرية الفجة، والابتذال الوعظي السطحي، والتحريض التهييجي المُبالغ فيه.
إن المسرح الإسلامي لا يجب أن تكون قواعده جامدة، أو صيغاً بعيدة عن الحياة والواقع، أو خطباً رنانة وعظية تثقلها النصوص والأحكام، ولكنها صور جميلة نامية متطورة، تتزين بما يزيدها جمالاً وجلالا، ويجعلها أقوى تأثيراً وفاعلية، ولا يستنكر هذا المسرح أن يبتكر الجديد النافع الممتع، فالحياة في تجدد وتطور، وكذلك الإنسان وأساليب حياته العملية والعلمية والترفيهية، على أن يظل [مسرحنا] في نطاق القيم الإسلامية الأصيلة ملتزماً بجوهرها وغايتها. 
ومن هنا، فالمسرح الإسلامي المنشود والمطلوب لا بدّ أن يكون بمثابة تعبير فني جميل مؤثر ومقنع، نابع من ذات مؤمنة ورعة وتقية، مترجم عن الحياة والإنسان والكون وفق الأسس العقائدية للمسلم، وباعث للمنفعة والمتعة، ومحرك للوجدان والفكر على حدّ سواء، ومحفز لاتخاذ موقف معين، والقيام بنشاط هادف ما، لخدمة الذات والصالح العام .
المصــادر والمراجـــع:
•  الدكتور جميل حمداوي - من أجل نظرية مسرحية إسلامية جديدة.
•  أحمد ظريف - فلسفة التجاذب في الفن المسرحي. 
•  حكمت صالح - نحو مسرح إسلامي معاصر.
•  عمر محمد الطالب - ملامح المسرحية العربية الإسلامية.
•  محمد عزيزة - الإسلام والمسرح




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157416
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12