• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دور المرأة العراقية في فتوى الجهاد الكفائي .
                          • الكاتب : دعاء فاضل الربيعي .

دور المرأة العراقية في فتوى الجهاد الكفائي

المرأة العراقية نراها اليوم ومن جديد تثبت بسالتها وشجاعتها وقوة عزمها في الفتوى التي أصدرها سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)، على لسان وكيل المرجعية سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الصحن الحسيني الشريف حيث جاء في الخطبة (فيا أبناءنا في القوات المسلحة أنتم أمام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية واجعلوا قصدكم ونيتكم ودافعكم هي الدفاع عن حرمات العراق ووحدته وحفظ الأمن للمواطنين وصيانة المقدسات من الهتك ودفع الشر عن هذا البلد المظلوم وشعبه الجريح، وفي الوقت الذي تؤكّد فيه المرجعية الدينية العليا دعمها وإسنادها لكم تحثّكم على التحلي بالشجاعة والبسالة والثبات والصبر، وإنّ من يضحّي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضهم فإنّه يكون شهيدًا -إن شاء الله تعالى- والمطلوب أن يحثّ الأبُ ابنه والأمُّ ابنها والزوجة زوجها على الصمود والثبات دفاعاً عن حرمات هذا البلد ومواطنيه) (1)

فمنذ أن تم إعلان فتوى الجهاد الكفائي –وكعادتها- فإن المرأة العراقية سطّرت ملحمة رائعة عن مختلف معاني البطولة والإباء بإرسالها لزوجها وابنها يعتبر تضحية وشجاعة لا تملكها كثير من النساء في العالم وجسدت صورًا من الدعم التي تدعم بهما حشد الله تعالى:

فالصورة الأولى: كانت بتلقيها التدريب على السلاح فكانت كأنما تقول لرجال الحشد أن اطمئنوا فبيوتكم في أمان وسنحمي دياركم التي رحلتم عنها وندافع عن نسائكم وأولادكم الذين خلفتموهم وراءكم للدفاع عن أرض الوطن.

أما الثانية: فكانت عبر إرسال الطعام والكسوة للحشد وقد تم تجهيز الحشد بكميات كبيرة من الطعام المصنوع يدويًا كالمعجنات والحلويات.

أما الصورة الثالثة: فهي دعمها وإسنادها وقوة عزيمتها في زج أولادها وإخوانها للانخراط في صفوف الحشد الشعبي المقدس فيقول شاهد عيان (أحد الإخوة تتصل به والدته وهو على الساتر تقول له لا ترجع يا ولدي إلّا بالنصر أو الشهادة ولا اقبل بغيرهما).

والصورة الرابعة: هي ذهابها إلى مقر استراحة المقاتلين في مرقد العسكريين في سامراء، فقد توجهت بعض النساء المسنات إلى قاطع من قواطع الجهاد في سامراء لمساعدة المقاتلين في إعداد الطعام وشحذ الهمم ومؤازرة المقاتلين فكم لها من معنى عظيم عندما يرجع المقاتل للاستراحة في مرقد العسكريين (عليهما السلام) ويرى امرأة في سن والدته تحييه وتشد عزيمته وتحثه على مواصلة المسير لدحر قوى الضلال.

وصورة أُخرى: للمرأة العراقية الباسلة قد تجلت في حمل السلاح والقتال للدفاع عن نفسها وأرضها كما فعلت البطلة (أميمة جبارة) فقد حملت السلاح للدفاع عن أرضها وقاتلت وقتلت ثلاثة من عناصر داعش الذين حاولوا الهجوم على قريتها المسماة بقرية (العلم) شمال شرق تكريت قبل أن ترديها طلقة قناص داعشي فاستشهدت رحمها الله وصارت مضربًا للأمثال في القوة والشجاعة.

وصورة أُخرى فهي لِـ(أم قصي) تلك المرأة الشجاعة التي لم تسمح لأنذال العصر أن يقتلوا أبناء بلدها. فوقفت تلك المرأة الجليلة شابهت بموقفها طوعة حيث آوت ثلة من المقاتلين الشُبان في حادثة (سبايكر) وقد آلت على نفسها إلّا أن تنقذهم وتنقذ أرواحهم من خوارج العصر (الدواعش) حيث وقفت وقفة بطولية سيضل التاريخ يذكرها مادامت الحياة ، فقد عرضت حياتها وحياة عائلتها للخطر في سبيل إنقاذ هؤلاء الشبان رغم كل المآسي التي مرت بها فقد فقدت زوجها وولدها فاحتضنتهم كأم حنون لمدة (15) يوماً حيث لم يستقر لها بال ولم تغمض لها عين حتى تطمئن عليهم (فجزاها الله عنهم خير الجزاء) فقد قدمت درسًا في الشجاعة والبسالة للوقوف بوجه الطغاة.

أمّا لو تحدثنا عن الدور الإعلامي وكيفية دعم المقاتلين من الحشد والجيش إعلاميًا فلقد أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسة المقدسة السيد (احمد الصافي) (سدد الله خطاه) بما مضمونه على أهمية أن يستشعر المقاتلون بأننا أيضًا معهم بكل ما تعني هذه الكلمة معنويًا وماديًا وإعلاميا بالكلمة والموقف، مضيفًا القول حقيقة أنهم أشبه بالأسطورة لو لم نكن الآن في هذا الزمن ونرى شجاعة وبسالة هؤلاء الأبطال ونُقلت إلينا لقلنا أن هذه نوع من المبالغة، لكننا نعيشها ونتحسسها حيث نرى المجاهدين الذين هم في عمر الزهور ذوي ستة عشر عامًا تجد فيهم هذه البسالة والقوة بحيث يتلقى المفخخات دونما خوف أو وجل ولم يكتف بهذا بل يذهب مسرعًا إلى حيث الموت المحقق ويتسلق قمة الدبابة ليفتح غطائها ويقتل من فيها ويعود مسرعًا إلى محله.

لكن هذا الاندفاع لو تناقلته الأحاديث المتواترة لما تحقق لدينا اليقين كما تحقق اليوم، وأنّهم لم يكونوا مخطئين في بسالتهم فهم قرأوا التاريخ واستوعبوه وطبقوا مضامين فتوى الجهاد بشكلها الدقيق وهم يسطرون أروع صور البطولة والشجاعة فهم النجباء الذين تمتعوا بالحس الوطني الحقيقي فهؤلاء هّم اليوم شرفنا وعزتنا وبقاؤنا، فهم التيجان والإكليل الذي يُطوّق أرض الأنبياء وأرض الأئمة المعصومين.

أما الدور الإعلامي للمرأة العراقية في فتوى الجهاد الكفائي فهناك الكثير من الشخصيات النسائية البارزة والمهمة التي قد كان عزمت على مواجهة قوة الكفر والضلال (داعش) إعلاميًا، فقد انبرت الكثير من إعلاميات العراق وهن يُشمّرن عن أقلامهن في الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات من خلال نقل الصورة الحقيقية لمجريات البطولات والمعارك التي يقودها فرسان العراق بتوجيهات من المرجعية الرشيدة عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وكان في طليعتها (إذاعة الكفيل صوت المرأة المسلمة) التي تبث من العتبة العباسية المقدسة ودورها الهام في مساندة المجاهدين وتوثيق الحركة الجهادية لأبناء الحشد الشعبي المقدس والاهتمام بهم وبعوائلهم الكريمة فقد عملت على بث البرامج الخاصة بهذه الشريحة التي لبت نداء المرجعية.

وأمّا ما يخص الإعلام المقروء فهناك الكثير من المجلات والصحف التي تناولت دور المرأة في التصدي لقوى الضلال وهناك الكثير من الكاتبات العراقيات اللاتي خطت أقلامهن أجمل وأروع المقالات والبحوث أمثال كاتبات مجلة (رياض الزهراء) النسوية التي تصدر من العتبة العباسية المقدسة، ومجلة زهور الجوادين النسوية التي تصدر من العتبة الكاظمية المقدسة اللاتي ساهمن في نشر مفاهيم الجهاد والحث عليه وبيان مكانة الشهيد وعائلة الشهيد عند الله تعالى فمن يقلب صفحات هاتين المجلتين يقرأ الكثير من المقالات والتقارير والنصوص الأدبية التي خطت كلماتها من نور، لنصرة حشدنا المبارك ولما لهذه الفتوى من الأثر الكبير في حفظ العراق والعراقيين، كما أنّ هناك الكثير من الإصدارات الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها، كما أن هناك الكثير من الإعلاميات العراقيات اللاتي مارسن عملهن لنصرة الحشد المقدس في مرافقة المقاتلين لنقل الصورة المباشرة من أرض المعركة لتنقل شجاعة وبسالة المجاهدين على السواتر ولم يقتصر هذا الدور على النساء العراقيات الإعلاميات فحسب بل شاركت الإعلاميات العربيات في نقل الصورة الحقيقية للحشد الشعبي ليراها العالم،

أذن أنّ الدور والعاتق يقع علينا كإعلاميات أن نساهم بدعم الحشد المقدس بالكلمة من خلال البرامج الإذاعية والمقالات والندوات والمؤتمرات التي تُعنى بهذا الموضوع حتى نسهم في الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا ونقتدي بسيدتنا ومولاتنا الحوراء زينب (سلام الله عليها) ودورها الإعلامي الرائد في واقعة الطف فهي علّمتنا كيف نواجه طغاة عصرنا بالكلمة التي هي أشد قسوة من السيف (فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابة الكريم ((يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم )) (2) قال بأفواههم ولم يقل بسيوفهم للتدليل على أهمية سلاح الكلمة في أية مواجهة إذا أحسن استغلاله فكانت زينب (عليها السلام) خير من استعمل الكلمة في موضعها الصحيح لأنها عالمة غير معلمة ولذا استطاعت أن تؤثر في الرأي العام وتهز عرش الدولة الإسلامية بعد حدوث المصيبة مباشرة) (3).

من هنا ندرك اليوم الدور البارز الذي لعبته زينب (عليها السلام) في نهضة الحسين (عليه السلام) وهي بلا شك قدوتنا ونعمل جاهدين على الاقتداء بها فالمرأة تلعب دورًا مهماً وأساسيًا في نصرة الثورة خصوصًا ثورتنا ضد طغاة عصرنا (الدواعش) فزينب (عليها السلام) تعلمنا كيف نودع شهداءنا بكلمة (اللهم تقبل منا هذا القربان) وتعلمنا أيضًا كيف نواجه الإرهاب بالكلمة والموقف دون خوف أو وجل فالكلمة هي الأساس والسلاح في أي موقف أعلامي، فكل امرأة يمكنها أن تؤدي دورًا ما ضمن حدود إمكانياتها الثقافية والفكرية والعلمية، فتمارس هذا الدور مستندةً وسائرةً على خطى الحوراء زينب (عليها السلام)، فتساعد بذلك على بناء هذا المجتمع وحمايته من كل ما يتربص به فيتحتم علينا أن نكون يقضين وأعيننا مفتوحة وأقلامنا متهيئة لصد كل الهجمات الإعلامية التي يتعرض لها الحشد المقدس، فهناك الكثير من وسائل الإعلام المعادية تتحين الفرص لتوقع بالحشد الشعبي إعلاميًا بعدما يئست من مواجهتهم حربيًا وذلك عبر القنوات والمحطات الفضائية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي..

فيجب علينا أن نعرف كيف نستخدم الكلمة التي تساعد في حفظ دماء الشهداء الأبرار الذين رووا الأرض بدمائهم الزكية فليكن دائمًا شعارنا هو شعار الحسين (عليه السلام) (هيهات منا الذلة) ولا نرضخ للظالمين ولا للمفترين ما دام فينا ذلك الجبل الشامخ صاحب الفتوى العظيمة السيد علي السيستاني قائدنا المفدى (دام ظله)، وما دام لدينا أبطال غيارى لبوا النداء، وما دامت لدينا أمهات يفتخرن بأولادهن الشهداء فسوف ننتصر إن شاء الله تعالى..

وأخيرًا يمكن القول: إنّ المسؤولية التي تقع على عاتق المرأة العراقية في ظل الظروف الراهنة هي حفظ بلدها ومقدساته من هذه المخاطر، وأنّ ما يمر بنا من ظروف عصيبة ما هي إلّا حافز لنا لنقدم المزيد من العطاء والتضحيات في سبيل الحفاظ على وحدة بلدنا وكرامته وصيانة مقدساته من أن تهتك من قبل هؤلاء المعتدين، ولا يجوز للمرأة العراقية التي عرف عنها الصبر والشجاعة والثبات في مثل هذه الظروف أن يدبَّ الخوفُ والإحباطُ في نفسِها، بل لابُدّ أن يكون ذلك مُشجعًا لها للثبات ومواصلة المسير نحو الهدف المنشود.

ختاما لبحثي المتواضع أوجه دعوة مخلصة إلى كاتباتنا العراقيات بضرورة التصدي للإعلام المعارض الذي يقدم الأخبار والصور المفبركة والمزيفة ويشوه تضحيات أبطالنا في ميادين الجهاد وانتصاراتهم المشرفة في ساحات الوغى فبعد أن تلقى الدواعش الهزيمة المرة في جميع قواطع العمليات، ودب الخوف والفشل في أعماقهم راحت وسائل الإعلام المعادية تبث سمومها على المشاهدين وترسم صورة مشوهة لأبطالنا فتارة تبث مقاطع لا صحة لها لتزور سير العمليات. وهناك الكثير من الأيادي الخبيثة التي تخط بأقلامه المعادية مقالات تتحدث عن المعاملة السيئة التي يتعامل بها الحشد مع النازحين وغيرهم، لكن الحقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار فحشدنا وجيشنا الباسل قد تخلّقوا بأخلاق أئمتهم..

أخواتي نطالبكن بالمزيد من الهمة والدعم الإعلامي لإخوانكن المقاتلين لشد أزرهم وشحن هممهم، ساندن حشد المرجعية الذين تطوعوا لا من أجل راتب أو منصب أو جاه بل للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات فكانوا مجاهدين حقًّا لم يقطعوا ورقة ولم يدخلوا دارًا أو يصلوا فيها دون إذن صاحبها، حفظوا أموال المهجرين وممتلكاتهم وحافظوا على أرواحهم، هؤلاء المقاتلون لم يحافظوا على حرمة البشر فحسب بل حفظوا أرواح البهائم فكانت تحظى بعنايتهم، فكيف نبخل عليهم بالشكر والثناء والإشادة والدعم المعنوي، فهؤلاء حقًّا جنود الله تعالى في أرضه.

________________ 

1/ خطبة الجمعة الثانية (14 شعبان 1435للهجرة ) الشيخ عبد المهدي الكربلائي

2/التوبة /اية 32

3 /مجلة صدى الحوراء /مقال بعنوان الدور الاعلامي للسيدة زينب / مرتضى الموسوي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157302
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13