• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مدخل تاريخي لمدينة الناصرية .
                          • الكاتب : تحسين جاسم شنان الازيرجاوي .

مدخل تاريخي لمدينة الناصرية

 ما كان بناء مدينة الناصرية مسألة عمرانية بحتة، وما كان انشاؤها وليد الصدفة العابرة، ولم يكن نتيجة تجمع سكاني أخذ طريقه نحو الزيادة والتطور والتوسع، أو ما تتجه اليه الدولة وأجهزتها في تخطيط المدن وتمصيرها، وانما هناك أسباب ودوافع ومقدمات وظروف لكل منها جذور تاريخية متعددة في شعب التاريخ، اقتضت بناء مدينة الناصرية.
إذ شهد موقع مدينة الناصرية المحاولة الأولى للحضرية العالمية، فعلى الرغم من ظهور مستقرات ريفية بسيطة في منطقة السهول المموجة العراقية، إلا أن بواكير الحضرية كانت في الأجزاء الجنوبية من العراق، لاسيما على نهر الفرات ومجاوراته، وعلى امتداد مجرى وذنائب نهر (الغراف) الموازية لمجراه. ففي فترة فجر السلالات (فترة دويلات المدن)، ظهرت مدن (لكش، والوركاء، واشنونا) بوصفها مدناً ومستقرات كبيرة الحجم نسبيا، وكانت مواقعها على حافات أقليم البطائح العراقية أو مجاوراً لها.
 وبعد أن نضجت الحالة الحضرية ظهرت الامبراطورية العراقية الأولى، متمثلة بالحضارة السومرية التي كان اطارها الاكيوميني يمتد على مجمل جنوب السهل الرسوبي، وكانت مدينة أور الواقعة آثارها على مقربة من موضع الناصرية عاصمة للامبراطورية الأولى في العالم.
وخلال فترة الحضارات العراقية القديمة وبمراحلها الثلاث، والدولة الاكدية والبابلية، كانت الحضرية تتأرجح شمال السهل الرسوبي وجنوبه، الى أن انتقلت الى الأجزاء الشمالية في فترة الحضارة الاشورية... وبعد هذه الفترة كان هناك فراغ سياسي في وسط العراق وجنوبه، وعندما جاء العرب المسلمون محررين لأرض العراق، كان أقليم السهل الرسوبي أرضاً للسواد، ولم تكن هناك مستقرة حضرية كبيرة؛ لأن الاقليم برمته كان تخوما تتصارع عليه القوتان الفارسية والبيزنطية.
 وفي فترة الحضارة الاسلامية، كان التركيز على الأماكن المركزية التي تتوسط العراق لأسباب سياسية، فأنشئت الكوفة وواسط، ومن ثم بغداد وسامراء، وجميعها تكاد تكون عند خاصرة العراق، باستثناء البصرة في أقصى جنوب السهل الرسوبي.
 وفي فترة الاحتلال المغولي، وما تبقى من احتلال عثماني، لم يشهد جنوب العراق نهضة حضرية إلا من مدن نشأت لأسباب دينية وعسكرية قليلة العدد، ولكن ظلت منطقة الأجزاء الجنوبية من نهر الفرات وذنائب نهر الغراف خالية من مكان مركزي، على الرغم من المؤشرات الجغرافية الطبيعية والبشرية التي تشير الى ضرورة قيام مدينة مركزية. 
والمدينة هي المركز الاداري لمحافظة ذي قار التي تغطي مساحة مقدارها (14452) كم2 مشكلة (3.3%) من مجموع مساحة العراق، وتشكل الأراضي الصحراوية (6.7%) من مساحة المحافظة التي تحدها من الشمال محافظتا واسط والقادسية، ومن الغرب والجنوب محافظة المثنى، ومن الجنوب والشرق محافظة البصرة، ومن الشرق محافظة ميسان. 
وتبعد عن مدينة بغداد (380كم) الى الجنوب و(214كم) الى الشمال من مدينة البصرة. وتتوسط مدينة الناصرية مركزين حضريين مهمين في المحافظة، هما مدينة سوق الشيوخ على بعد (29كم) الى الجنوب، ومدينة الشطرة (40كم) الى الشمال.
وبذلك حلت مدينة الناصرية محل مدن كثيرة سبقتها الى الوجود في الموقع نفسه، كمدينة (أور) التي كانت تعد مركزاً عظيماً للحضارة السومرية التي تقع على بعد (15 كم) جنوب غربي مدينة الناصرية، ومدينة (أريدو) الاثرية التي تبعد (40 كم) غرباً.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157096
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15