• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإيجازُ في القرآن الكريم الجزء الأول .
                          • الكاتب : زينب جاسم محمد حبيب العرداوي .

الإيجازُ في القرآن الكريم الجزء الأول

 الإيجازُ أسلوب من أساليب العرب في الكلام، وهو يرد كثيراً في أشعارهم، لأنهم أهل فصاحة وبلاغة، وقد ورد هذا الفن البلاغي في القرآن الكريم، إلا انه لم يُشرْ اليه بمعناه الاصطلاحي؛ وأول من أشار إليه (الفرّاء)، إلا انه لم يذكر الاصطلاح البلاغي له، وانما اكتفى بذكر اللفظ المحذوف من الكلام، ففي قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّي وَمَاأُوتيتُمْ مِنْ العِلْمِ اِلاَّ قَلِيلاً) الاسراء:85 يقول: (من علم ربي، ليس من علمكم)، فالكلام يأتي مبيناً على ان له جواباً فيحذف الجواب اختصاراً، فتوصل الى تحديد موقع الايجاز من خلال المعنى العام في النص.
 كما خرج الايجاز في النص القرآني الى غرض الأمر، فقد ورد الاختصار في الآية بطريقة بارعة اختار الباري عز وجل هذا اللون تخفيفاً لحدة القول من ناحية وتلطيفاً لاسلوب الخطاب من ناحية اخرى، ففي قوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانَاً) [الاسراء:23] يقول: معناه: وأوصي بالوالدين إحساناً، والعرب تقول: أوصيك به خيراً وآمرك به خيراً، وكأن معناه: آمرك أن تفعل به، ثم تحذف (أن) فتوصل الخير بالوصية وبالأمر). فـ(الفرّاء) يعنى بتحديد اللفظ المحذوف من الكلام وتقدير معناه في النص، وفقاً للمعنى الذي يتطلبه السياق، وكان ذلك هو المنهج الذي تبعه أبو عبيدة لبيان الايجاز في القرآن الكريم، وأطلق عليه مصطلح (المختصر)، في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى اِذْ يَتَوَفَّى اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وِجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَريقِ) الأنفال:50 يقول: (مجازه مجاز المختصر المضمر فيه، وهو بمعنى يقولون ذوقوا عذاب الحريق، والعرب تفعل ذلك... 
 فعلى سبيل الايجاز عند (الأخفش)، فانه يستدل عليه من خلال السياق العام للمعنى في النص، ففي قوله تعالى: (اِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى اَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَياةِ الدُّنْيَا) يونس:23 يقول: (أي: وذلك متاع الحياة الدنيا، أو أراد متاعكم متاعُ الحياة الدنيا)، فقد بيّن اللفظ الذي حذف من الكلام على سبيل الاختصار، من خلال المعنى العام في الآية الكريمة، كان دليلاً على تفسير الايجاز في سورة يونس، وقد اتضح هذا المصطلح عند (الزجّاج) كثيراً، وأطلق عليه (الاختصار)، لأنه يرى أن سبب الحذف في النص الاختصار، ففي قوله تعالى: (بِشَيءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) البقرة :155: (لم يقل بأشياء، فانما جاء على الاختصار، والمعنى يدل على انه وشيء من الخوف، وشيء من نقص الأموال والأنفس).
 فالمفسّرون الأوائل، لم يفرّقوا بين (الاضمار، والايجاز) في اشارتهم الى معنى الايجاز في النص القرآني، فالإضمار عند المفسّرين باب من أبواب الايجاز، وقد عني بهذا الجانب كثيراً النحاة واللغويون، لأن تقديرَ الكلام، وتسويغ الأحكام النحوية، يتعلق بشكل أو بآخر بالأساليب البلاغية التي تشغل حيزاً واسعاً في الكتب التفسيرية في القرن الثالث للهجرة؛ فمحاولات المفسرين لاتكاد تبتعدُ كثيراً عن محاولات النقاد في الإشارة الى معنى الإيجاز.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157032
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13