• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدينُ ضرورة للحياة .
                          • الكاتب : السيد حسن القبانچي .

الدينُ ضرورة للحياة

 لا أخالني أحتاجُ الى تجشّم الطرق الوعرة، أو التكلف بإكثار البراهين، لإثبات ظرورة الدين للحياة البشرية، إذ هو واضح جلي لدى كل فرد عرف معنى الحياة، أو أراد أن يحيا كإنسان يتمتع فيما خُلق، فيرى بأمّ رأسه أثره البليغ في حياة المجتمع ونظامه، وراحته وسعادته، إذا ما استمسك بعراه الوثيقة، وشايعه واقتفى أوامره ونواهيه. 
 فالدين هو فوق منتهى عقلية البشر، وأنبل مرمى للمدنية الصحيحة، وآخر نظام يتطلبة المصلحون ليكفل السعادة البشرية، وأقصى محطة يقصدها العقلاء، ويفتش عنها الفلاسفة النابهون... فليس للبشر مناص من التمسك به، ولا الإنفكاك عنه مهما كانت نزعة الانسان، ومهما اختلفت ميوله وأفكاره، وبعبارة أوضح أقول: أن الدين معتقد ولِد مع كلّ مولود، لا يمكن أن يقطع صلته عنه، وفكرة كامنة في عقلية كل إنسان ونفسيته، لا يستطيع أن يفارقها ابداً إذا ما خلي وإنسانيته.
 تأمل الإنسانَ الأول تجده – وهو بعيد عن كل عقلية وفكر - يعبد الحجر والحيوان، ويخضع الى الشمس والقمر والنجوم، يرجو بذلك التقرب الى مجهول لديه لا يعرفه، إذ لم يصل فكره إلى شيء من الحقيقة، ولم يدرك لقصوره صوتَ الضمير الذي ينقر في أذنه، بأن لك معبوداً وخالقاً لم ترَه عينك، يجب التقرب إليه وطلب رضاه؛ لذلك ترى الخالق العظيم واللطيف الخبير، لم يرسلِ الأنبياءَ إلا بلسان قومهم، ولم يكلّفْ إلا حسب مدارك المرسل إليهم ووسعهم وطاقتهم؛ لذلك تجد كل شريعة تأخرت هي أرقى مما تقدمتها، وتكاليفها أوسع من تكاليف ما قبلها، لتدرج المدارك ونمو العقول وتقدم المعرفة والثقافة، وابتعاد النفوس عن همجيتها السابقة، وقربها الى إدراك الحقائق.
 فكانت كل شريعة تهبط، وكل دين يُوحى الى نبي من الأنبياء المتأخرين، مكملاً للمتقدم عليه، وفيه من التكاليف الجديدة ما هو أصلح بالخلق في عصرها... وهكذا كانت الأحكام السماوية، تهبط حسب قابلية مدارك البشر ومشاعرهم، حتى إذا ما كمُلت العقول، واستقامت القابليات، وآن أوان بيان ما أوجبه الله تعالى على نفسه من الهداية الكاملة، وإرسال قوانينه الحكيمة القويمة التي لا تستنكرها الأجيال مهما تعاقبت، ولا تغيّرها العصور والأيام مهما توالت، ولا تنفرها العقول السليمة مهما بلغت من الرقي والعلم والثقافة، أرسلها بواسطة أكرم بريته وأنبل خلقه، وأنزلها على أسمى شخصية في عباده - وهو العالم حيث يجعل رسالته – محمد بن عبد الله النبي الأمي (ص)... فكانت رسالته السامية أعظم قانون يكفل للبشر مصالحه العامة والخاصة في النشأتين، وأصدق هاد يهديهم الى السعادة الأبدية في الدارين؛ إذ جاء (ص) آمراً بالتوحيد، معلناً في الفلاح، متمّماً لمكارم الأخلاق، هادياً للناس، مبشراً بدين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156889
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13