أطروحة تقدم بها علاء فريد عبد الأحد يوسف بطو
إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد - جامعة البصرة
وهي جزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراه فلسفة في علوم المحاسبة
ينبئنا تاريخ الضرائب بأن كل تقدم اجتماعي أو أدبي إنما يكون نتيجة عملية تطـوريـة بطيئـة، وان الأنظمـة الماليــة تتغـير باسـتمرار بفعـل المثـل الأخلاقـية. فنظام الضرائـب، وهو أحـد هذه الأنظمـة، قلما يكون نتيجـة إصلاح واحد، بل هو ثمرة تغيرات كثيرة وتعديـلات عديدة؛ وهـذا شأن أنظمة الضرائب الحديثـة في مختلف الأقطار، حيث تطورت وارتقت تدريجيا على أنقاض الضرائب القديمة. وهذا ما حصل لنظام الضرائب في العراق. وعلى الرغم من إتفاق الكتاب في الفكر المحاسبي، على أهمية العلاقة بين المحاسبة والضرائب، إلا أنهم اختلفوا فـي تحديد طبيعـة هذه العلاقـة، وتعددت الآراء بشأن اصطلاح المحاسـبة الضريبيـة. وما يعزز العلاقة بين المحاسبـة والضريبـة، هو أن المحاسبـة وسيلـة لخدمـة أطراف متعددة ومنها الإدارة الضريبيـة. وقد ارتبط تطور المحاسبة بتطور وظيفتها في تلبية حاجات وأغراض مستخدمي المعلومات المحاسبيـة، وأن الحاجة إلى المحاسبـة لتحديد الدخل الخاضع للضريبـة، تُعد إحدى الحاجات الملحّة للمحاسبـة وتطورها.
مفهـوم الضـريبـة :
بالنظر لاختلاف وجهات نظر الباحثين ومناهجهم، فقد تعددت مفاهيم الضريبـة على وفق الجوانب الماليـة والاقتصادية والقانونية والاجتماعية، حيث يسلّط كل منهم على جانب من جوانب الضريبة. إذ يعرفها البعض على أنهـا: اقتطاع نقدي جبري تجريه الدولة أو إحدى هيئـاتها العامة على موارد الوحدات الاقتصادية، بقصد تغطية الأعباء العامة دون مقابل محدد، وتوزع الأعباء بين الوحدات الاقتصادية على وفق مقدرتها التكليفية.
وقد واجه الفقهـاء عند محاولتهم تعريف الضريبة الكثير من الصعوبات لتطور مفهوم بعضهم للضريبة، الذي اختلف من وقت لآخر إلى حد تفضيل الاقتصار في تعريفها على الجانب القانوني منها، بوصفها (وسيلة لتوزيع الأعباء العامـة بين الأفراد توزيعاً قانونياً وسنوياً طبقاً لقدراتهم التكليفية). كما يعرفها البعض: (بأنها مدفوعات إجبارية للحكومة مقابل قيامها بالمصالح العامة، بصرف النظر عن المنفعة التي تعود على دافعها، والإجبار فيها يختلف بحسب نوع الضريبة، ولكن على العموم فإن الضرائب فرائض إلزامية، وعليه فالضريبة فريضة إجبارية، تفرض بواسطة سلطة عامـة)، مضيفين: (تتميز الضرائب بأنه لا يوجد تناسب بين ما يدفعه الممول وبين ما يحصل عليه من خدمات، وتعد الضرائب من أهم الموارد المالية في نظام الدول ومن دعائم موازناتها).
من خلال ما ورد آنفاً لمفهوم الضريبة، يتضح اختلاف الآراء نتيجةً للتطور الحاصل لمفهوم الضريبة ودورها، إلا إنها يمكن أن تنصب على وفق المفهـوم الآتي الذي يراه الباحث وهـو (فريضة مالية تجبيها السلطة المالية بصورة إلزامية من المكلفين دون مقابل محدد، وتحويلها إلى موازنة الدولة، على وفق معايير وأسس موضوعية ومقررة مسبقاً لتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على وفق فلسفة وسياسة الدولة). حيث أن الفريضة المالية ليس بالضرورة أن تعبّر بكونها مبلغاً من النقود، كما أن فرض الضريبة يتم وفق أسس وقواعد محددة بشكل موضوعي يتلاءم مع أيديولوجية وفلسفة الدولة، لغرض تحقيق منفعة عامة للمجتمع، وليس هدفاً أو منفعة خاصة لدافعيها، لذا فأن طابع الإلزام لفرض الضريبة لايعني اشتراط تعادل قيمتها مع الخدمات التي يحصل عليها المكلف، وعليه فإن فريضة الإلزام من اختصاص الدولة وليس لإرادة المكلف دخل بذلك، أي ملزم بحكم القانون. وعليه يمكن أن نبيّن، أن الضريبة هي مصدر لإيرادات الدولة وأداة سياسيـة واقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
|