تعد مشكلة تلوث البيئة وخاصة مصادر الماء من المشاكل الآنية التي تواجهها أكثر دول العالم اليوم، فالماء ضرورة من ضرورات الحياة، وتعتمد عليه حياة البشرية، وأن استعمال المياه الملوثة دون تعقيم يؤدي الى انتشار الكثير من الأمراض، بسبب ما تحتويه من بكتيريا وفايروسات وطفيليات، وزيادة تراكيز الأملاح الموجودة فيها، و(العكورة) المتزايدة... ودليل ذلك الإحصائيات في مختلف بلاد العالم؛ التي أظهرت أن عمليات التنقية للمياه، وحسن ادارتها وتشغيلها، وتوزيعها للاستعمال المنزلي؛ أدى الى انخفاض كبير في انتشار الأمراض.
كشف الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية التابع الى وزارة التخطيط؛ أن أكثر من 40% من المياه المعدنية العراقية و10% من المياه المعدنية المستوردة التي تباع في الأسواق المحلية العراقية غير صالحة للاستهلاك البشري.
إن تجارة بيع المياه المعدنية المعبأة بالقناني الكبيرة والصغيرة، ازدهرت في الأسواق العراقية بعد عزوف المواطنين عن استخدام مياه الإسالة المجهزة عبر شبكة المياه العامة، تخوفاً من الأمراض التي انتشرت في الآونة الأخيرة، بسبب مياه الإسالة الملوثة.
ومن المعروف للجميع أن الأسواق العراقية شهدت ظهور العديد من أنواع المياه المعدنية التي تفتقر للمواصفات والشروط الصحية التي يجب توفرها في المياه المعدنية. وأن غالبية معامل المياه المعدنية في البلاد لا تحتوي على مختبرات لفحص المياه، ولا تلتزم بتحديث أساليب الإنتاج ومراحله، كما أن غالبية معامل انتاج المياه المعدنية في العراق غير حاصلة على شهادة (الايزو) الخاصة بالمواصفات الصحية العالمية للمياه المعدنية.
إن من مهام الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية رفع الكفاءة الانتاجية من خلال السيطرة النوعية، ومراقبة الجودة على السلع والمنتجات المحلية والمستوردة؛ لحماية المستهلك وحماية البيئة والصحة والسلامة العامة.
ويتطلب هذا الأمر دعم مشاريع مياه الشرب، بتوفير المستلزمات، وانشاء وحدات تحلية بعدد كاف لتخليص الماء من الأملاح عالية التركيز، وتجهيز السكان بماء صالح للشرب، وخاصة في المحافظات الجنوبية.
إن دائرة الجريمة الاقتصادية، ودوائر الرقابة الصحية، ودوائر البيئة، مطالبة بتشديد الرقابة، ومطالبة أيضا باغلاق معامل المياه المعدنية التي لا تلتزم بالشروط الصحية لانتاج المياه، وتفعيل العمل بقانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لسنة 1997 المعدل، واتخاذ الاجراءات العقابية بشأن المخالفين، وإحالتهم الى الجهات القضائية حماية للمستهلك، وحفاظا على الصحة العامة للمواطنين.
ختاماً نقول: إن حدوث التلوث في مياه الشرب لا يقل خطورة عن أي عمل إرهابي قد يحصد أرواح الآلاف من الأبرياء.
|