• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سلوكُ الناسِ آخر الزمان برؤية إسلامية ( الحلقة الأولى )                      .
                          • الكاتب : محمود الربيعي .

سلوكُ الناسِ آخر الزمان برؤية إسلامية ( الحلقة الأولى )                     

 ليس غريباً أن نبحث في تحليل الجانب الثقافي والإجتماعي ودراسة التغير الحادث في ثقافات الشعوب ونمط السلوك البشري العام في الإتجاهين المتضادين وعلى الوجهين السلبي الإيجابي، وعلى الأقل في نظر الباحثين في علم الإجتماع، كما أن من المهم أن ندرس النمو المضطرد في القوانين والإكتشافات العلمية في عالمي المادة والطاقة، وفي عالم الصناعة، والتكنولوجيا وطريقة إستخداماتها المفيدة والمضرة، فكثير من البحوث العلمية في الكهرباء والميكانيك والمغناطيسية أفادت البشرية، وساعدت على إكتشاف المجهول، وسهّلت إمكانية الحصول على بيانات واسعة عن الحياة، وطرق تحسين المعيشة. كما أن هناك الكثير من الفوائد التي حصل عليها الإنسان عن طريق العلوم التي تبحث في الضوء والصوت والحرارة والذرة والنواة الذرية، مما سهل على الإنسان الكثير من الأمور المستعصية في عالم الطب والزراعة والتكنولوجيا، ورغم كل ذلك فإن بعض المعلومات العلمية أسيئ إستخدامها؛ كما حدث ذلك عند إستخدام الطاقة الذرية والنووية في حالات الحروب الدولية، وأدى الى تهديد حقيقي للجنس البشري، وأصبح هذا التهديدُ يقلق الناس من قيام مخاطرات جديدة، ووقوع حماقات غير متوقعة.
 إن المنحني البياني الذي شهدته الحالة العلمية؛ يتجه نحو المزيد من الإكتشافات والإختراعات، بينما المنحدر البياني في العلاقات الإجتماعية والثقافية، يشكل إنخفاضاً ملحوظاً؛ يهدّد تلك العلاقات، مما يساعد على إرتكاب الجرائم، وحصول المزيد من النزاعات والصراعات والحروب بين الدول، على الرغم من صدور الكثير من القوانين والتشريعات المانعة.
 وهنا سنتناول الجوانب العبادية والسلوكية والإجتماعية والأسرية، بالإضافة الى  الجوانب الإقتصادية والمالية ومجال الإعمار والبناء، كما يهمنا دراسة العلاقة التي  تربط الحكام بالموظفين والمستخدمين، لنتبين مدى إنحسار تلك العلاقات بالشكل الذي يظهر التدني الملحوظ على الرغم من المظاهر المادية الشاخصة.
فقد جاء في غيبة الطوسي عن النبي (ص): (عند تأخير الصلاة واتباع الشهوات وشرب القهوات وشتم الآباء والأمهات، فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الآدميين، وقلوبهم قلوب الشياطين، كلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الحنظل، فهم ذئاب وعليهم ثياب، ما من يوم إلا يقول الله تعالى: أفبي تفترون. أم علي تجترون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون).
من علامات آخر الزمان:
الأول: تأخير الصلاة: هذا إذا لم يترك الكثيرون صلاتهم، فمن علامة المؤمن الذي له صلة قوية بالله هو الذي يداوم على صلواته، ويؤديها في أوقاتها، بالإضافة الى حرصه على أدائها جماعة في المسجد.
الثاني: إتباع الشهوات: وهي إشارة الى مدى إبتعاد الناس عن دينهم، وإنغماسهم في أمور الدنيا التي فيها مخالفات صريحة للدين.
الثالث: وشرب القهوات: وهنا ليس المقصود شرب القهوة، وإنما إشارة الى إضاعة الأوقات بالمجالس الفارغة التي تخلو من ذكر الله سبحانه وتعالى.
الرابع: وشتم الآباء والأمهات: وهي حالة خطيرة ومؤشر سيء جداً، خلاف الفطرة التي جُبل عليها الإنسان من إحترامه الشديد للوالدين، فالدين يعد الإعتداء على حرمة الوالدين من أشد الكبائر التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها.
ومن علامات آخر الزمان أيضاً: (حتى تروا الحرام مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته وجفا جواره، وقطع رحمه، وذهبت رحمة الأكابر، وقل حياء الأصاغر، وشيدوا البنيان، وظلموا العبيد والإماء، وشهدوا بالهوى، وحكموا بالجور، ويسب الرجل أباه، ويحسد الرجل أخاه، ويعامل الشركاء بالخيانة).
أولاً: يصبح الحرام مغنماً: من أكبر مظاهر الفساد في المجتمعات أن ترى الحرام مغنما، ويظهر ذلك في حالات الزنا والسرقة والعدوان على حقوق الناس الضعفاء، ومظاهر الحرام الأخرى، وهي حالة تشير الى إنقلاب الموازين الإجتماعية بشكل خطير.
ثانيا: وتصبح الزكاة مغرماً: وقد جاء في لسان العرب معناه أن يَرَى رَبُّ المال أن إخراج زكاته غَرامةٌ يَغرَمُها.
ثالثاً: وأطاع الرجل زوجته: ويظهر من هذه العلامة أنها تكون عامة في الأغلب، حيث تفقد الأسرة هيكليتها الفطرية، وتتوزع العلاقات داخل الأسرة بالشكل الذي يخالف الوضع الطبيعي لها، حيث تتبادل المرأة والرجل المواقع، فيترتب على ذلك مخاطر إجتماعية بالغة في شؤون الأسرة والتربية والتعليم والعلاقات الإجتماعية.
رابعاً: وجفا الرجل جيرانه: فمن أقوى الروابط الإنسانية بين البشر حسن الجيرة، وهذا لا يخص المجتمعات الإسلامية فقط ،وإنما يعم جميع المجتمعات الإنسانية في كل مكان من العالم على مختلف أديانها وعقائدها وأفكارها، لكن الحالة التي يشير إليها النبي الأكرم محمد (ص) هي حالة البشرية عندما تكون في أدنى مستوى من الإنقلاب في العادات والتقاليد، فيجفو الجار جاره، ويعتدي عليه ويؤذيه ويسلمه الى عدوه.
خامساً: وقطع الرجل رحمه: كما أن من أعظم العلاقات الإجتماعية بين الناس هي صلة الرحم، وهي العلاقة النَسَبية بين العوائل، وتعم جميع من يدخل تحت هذه العلاقة. وقد تعوّد البشر على إقامة أفضل العلاقات الرحمية فيما بينهم، لكن المؤشر الذي يشير إليه الرسول (ص) معناه تقطّع تلك العلاقات بشكل يبعث على الأسى.
سادساً: وذهبت رحمة الأكابر: وفي لسان العرب الأكابر جماعة الأَكْبَرِ ولا تجوز النَّكِرَةُ، فلا تقول مُلوك أَكابِرُ ولا رجالٌ أَكابِرُ؛ لأَنه ليس بنعت إِنما هو تعجب. وكَبَّرَ الأَمْرَ: جعله كبيراً، واسْتَكْبَرَه: رآه كبيراً؛ وأَما قوله تعالى: (فلما رَأَيْنَه أَكْبَرْنَه)؛ فأَكثر المفسرين يقولون: أَعظَمْنَه. إنتهى.
وبصورة عامة يريد الرسول (ص) أن عظماء القوم وأكابرهم، فالمشهور عنهم رعايتهم لقومهم وإهتمامهم بشؤونهم وحاجاتهم، مما سوف لن يكون عليه الحال في آخر الزمان.
سابعاً: وقلّ حياء الأصاغر: في القاموس المحيط: والصَّغارَةُ، بالفتح: خلافُ العِظَم في القَدْرِ، وأصاغِرُ: جمعُ أصْغَرَ، كالأصاغِرَةِ. وصَغَّرَهُ وأصْغَرَه: جَعَلَه صغيراً. إنتهى. وهي إشارة الى قلة الحياء عند الصغار، أو صغار القوم، وذلك يحصل بنتيجة ضعف الإيمان والقيم الأخلاقية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156667
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 06 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13