عنوان شامخ في حركة التاريخ والمسيرة الاسلامية، لهج بذكره المسلمون على اختلاف مذاهبهم، وهو علم من اعلام الهدى، وقدوة المتقين، عرف بالعلم والحكمة والإخلاص والوفاء والصدق والحلم، وسائر صفات الكمال في الشخصية الاسلامية، فكان قدوة المسلمين ورائد الحركة الاصلاحية والتغييرية بعد آبائه، وكان له مقام عند الفقهاء، والمفسرين والرواة والمؤرخين والادباء والشعراء، وعند العابدين والزاهدين والاولياء.
ولد بالمدينة عام 83 هـ، وتوفي عام 148هـ، عاصر آواخر الدولة الاموية وأوائل الدولة العباسية.
أخذ العلم عن أبيه الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، واستثمر الفرصة المتاحة، فكوّن جامعته العلمية التي تضم أكثر من أربعة آلاف رجل على اختلاف مذاهبهم، وله آراء في العلوم الطبيعية كالكيمياء، وكان تلميذه جابر بن حيّان قد ألف كتاباً يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائله وهي خمسمائة رسالة.
وكان يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني، فانّه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي» (سيرة الامام جعفر الصادق (عليه السلام): ج1/ ص8).
وله الدور الاكبر في حماية العقيدة والشريعة من التيارات العقائدية والفلسفية الالحادية، وكان له فضل الاستاذية على أبي حنيفة ومالك، فحسبه ذلك فضلاً، ولا يمكن أن يؤخر عن نقص، ولا يقدّم غيره عليه عن فضل... فهو ممن جمع الله تعالى له الشرف الذاتي والشرف الاضافي.
مدحه المتقدمون والمتأخرون ووصفوه بالوصف المناسب لمقومات شخصيته المتكاملة.
عمرو بن أبي المقدام: (كنت إذا نظرت الى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين).
اليافعي: (السيد الجليل سليل النبوة ومعدن الفتوة... وإنّما لقب بالصادق لصدقه في مقالته، وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها).
كمال الدين بن طلحة: (من عظماء أهل البيت وساداتهم، ذو علوم جمّة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم، ويستخرج من بحره جواهره).
الشبراوي الشافعي: (ذو المناقب الكثيرة والفضائل الشهيرة، وغرر فضائله وشرفه على جبهات الايام كاملة والمجد والعزّ بمفاخره ومآثره آهلة).
جمال الدين الاتايكي: (كان يلقب بالصابر والفاضل والطاهر، واشهر ألقابه الصادق).
الشهرستاني: (ذو علم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات).
محمد ابو زهرة: (اتصف الامام الصادق التقي بنبل المقاصد، وسمو الغاية، والتجرد في طلب الحقيقة من كل هوى أو عرض من اعراض الدنيا... وإنّ الاخلاص من مثل الصادق هو معدنه؛ لأنّه من شجرة النبوة).
المستشار عبد الحليم الجندي: (الامام جعفر الصادق نتاج قرن كامل من العظائم يحني لها الوجود البشري هاماته ويدين بحضاراته... فاتح العالم الفكري الجديد... شجرة باسقة تترعرع في كل ورقة من اوراقها خصيصة من خصائص أهل البيت في عصر جديد للعلم، تعاونت فيه أجيال ثلاثة متتابعة منه ومن أبيه وجده).
عبد الرحمن الشرقاوي: (صافي النفس، واسع الافق، مرهف الحس، متوقد الذهن كبير القلب، حاد البصيرة، عذب الحديث، حلو المعشر، سباقاً الى الخير برّاً طاهراً... امام الشيعة وشيخ أهل السنة).
كان قمة في وعي الاحداث وتشخيص المواقف وتوقع المستقبل وهو الذي توقع بقراءته للمستقبل توليّ السفاح والمنصور للسلطة من بعد الامويين.
قاطع الحكومتين الاموية والعباسية، واستثمر الفرص المتاحة لإصلاح الامة وتغييرها، وكان يوجه مسار الحركات العلوية لتنسجم أهدافها واساليبها مع منهج أهل البيت(عليهم السلام)، وكان يساندها بصورة غير مباشرة .
وله الدور الاساسي في تبلور اسس وقواعد مذهب الشيعة الامامية، لذا نسبوه اليه.
|