لو تتبعنا واقع الثقافة العراقية بعد انهيار اللانظام المقبور، لوجدنا أن هناك تطوراً كبيرا وعلى المستويين الأفقي والعمودي، فوسائل الاتصال الحديثة خلقت نوعا من التواصل بين الداخل والخارج، وبالتالي الإطلاع المباشر على جميع الحركات التطورية التي يشهدها العالم، هذا التطور الذي نشاهده جليا في الأعداد الكبيرة للصحف والمجلات، والقنوات الفضائية، والمحطات الإذاعية، والذي نرجو أن يكون اهتمامها بالنوعي لا الكمّي، لأن العشوائية تشوّش القارئ والمتتبع، وتدخله في دوّامة الضبابية والتيه، ولا نقصد هنا التنوع في الاتجاهات والأفكار، بل إن الكثرة في تناول الموضوع الواحد بألوان وتحليلات متعددة تبعاً لمصلحة وسياسة بعض الجهات الإعلامية والسياسية أصبحت كثيرة، يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع): (إذا ازدحم الجواب ضاع الصواب).
لذا أصبح لزاماً أن تبدأ عملية غربلة لبعض الصحف والفضائيات، وان تبدأ بعض المؤسسات الإعلامية بالترشيد، وتبويب عملها الإعلامي، وتصحيح مساراتها، مستندة إلى رأي الشارع، والمثقف العراقي ومدى تقبله لها.. أما إذا أقرّ البرلمان قانون الأحزاب فسنشهد إغلاق بعض الصحف, والقنوات الفضائية , والإذاعات المحلية التي تموّل من الخارج لأجندة خاصة.
من جانب آخر... أخذت تقام مهرجانات ثقافية وأدبية كبيرة لم يشهد العراق مثيلاً لها إبان تلك الفترة، هذه المهرجانات التي من شأنها نشر الثقافة العامة، والثقافة الإسلامية إلى بقاع الأرض المختلفة، تبعاً لأهميتها، وعناوينها، وطبيعة المشاركين فيها، مما يؤدي إلى الانفتاح على جهات إسلامية، وغير إسلامية، كانت ترى في العراق الصورة التي رسمها النظام المقبور باعلامه وألوانه المشبوهة، هذا الإعلام الذي خلق بالتالي قاعدة معرفية تقول أن العراق بلد طائفي، واتهم البعض على اثرها باستلام الحكم عن غير حق.
يعتبر البعض الإعلام هو السلطة الرابعة، وفي الحقيقة هو السلطة الأولى لأنه الرقيب الذي يقوّم عمل السياسة والسياسيين في ذات الوقت، كما انه الرقيب على الجهات التنفيذية، والناطق بصوت المواطن، والمطالب بحقوقه.. فأمتنا أمة كبيرة تحاول أن تنهض وتواكب الحضارات، والأمم الأخرى، لذا نحن بحاجة إلى قوة، بحاجة الى وحدة، فبالتالي الإعلام هو الأداة الرئيسة للوصول الى الهدف، لذا فالجهات الفاعلة في العراق، ان كانت دينية، او مؤسسات سياسية، او منظمات مدنية، بحاجة ان تنفتح على جهتين: الأولى على الاعلام العراقي، والثانية على الاعلام العربي والعالمي، وهذا يعني ان تتواصل مع الاعلام العراقي وتتواصل مع الاعلام العربي والعالمي، لتصحيح وتوضيح الرؤى السابقة، وللتخفيف من المغالاة ان وجدت، مع التركيز على جانب العلاقات العامة في المؤسسات الاعلامية، لما له من اهمية كبيرة في عملية التواصل، وخلق الوشائج الساندة للعمل في الاتجاه المرجو.
يقول (الدليلاما) زعيم البوذيين في العالم: (لو كان لدينا نهج البلاغة، لو كان لدينا كربلاء، لو كان لدينا علي بن أبي طالب، او كان لدينا الحسين لجعلنا الناس كلهم بوذيين.. لجعلنا الناس كلهم بوذا) وهذا يعني اننا أصحاب رسالة خالدة، فالحسين ع هو رسالة عالمية، رسالة سرمدية، انطلقت لتشمل الأرض، وتنقذ أهلها من الجهل والضلال، إذن لنبادر للآخرين ونمد لهم اليد، ليكون الإعلام العراقي، والإعلام العربي والإعلام المسلم، الأداة التي تخلق الصوت المثقف الذي يصل للآخرين، ويخلق نوعا من التواصل، يخلق الوشيجة بين العراقيين وبين الآخرين.
|