• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على صعيد الشهادة .

على صعيد الشهادة

   لا يخفى على الباحثين في ترسيم الشخصية التاريخية، واستخلاصها وتشذيبها من عوالقها ذات المؤثرات السياسية والثقاقية، وما شاع على ألسنة الناس من أقاويل وترهات، ساهمت إلى حد كبير في تشويه معالمها، خاصة القيادية منها، والمهمة على صعيد الدور الإلهي المناط بها في هداية الناس إلى سبل الرشاد والثبات على الصراط المستقيم. وشخصية الإمام علي عليه السلام تكاد تكون الشخصية الأبرز والأكثر طعونا في ما تعرّضت له من حملات دعائية، بقيادة البيت الأموي سيء الصيت؛ فالإمام استشهد (سلام الله عليه) بعد رحيل أخيه الرسول الأعظم ص باقصائه عن دوره الريادي العالمي في قيادة الإنسانية، بتلك المسرحية المعدّة سلفا، بين أناس لهم قلوب لا يفقهون بها ((صم بكم عمي فهم لا يعقلون)) واستمرت عملية قتل الإمام عليه السلام في كل لحظة من سني حياته الشريفة، وهو يرى شريعة السماء معرّضة للضياع لعمق الجهل الذي يراه ماثلا بين المتصدين للتشريع والأحكام، وعدم الفهم الحقيقي لبديهيات التشريع الإسلامي، مع الأخذ بعين الإعتبار محو آثار النبي ص، ومنع تدوين أحاديثه الشريفة، فقد أورد محمود أبو رَيّة في كتابه: شيخ المضيرة أبو هريرة: ص125-126، أنّ عمر بن الخطاب كان يقول: (أقلّوا الحديث عن رسول الله، وزجر غير واحد من الصحابة عن بثِّ الحديث، فقد قال أبو هريرة: "ما كنّا نستطيع أن نقول: قال رسول الله  صلى الله عليه واله  حتى قبض عمر كنّا نخاف السياط". فعمل الإمام عليه السلام جاهدا وفي العين قذى وفي الحلق شجا أن يصلح الأمت والإعوجاج عن طريق القضاء والإفتاء، لجميع القضايا التي كانت تعرض للسلطة الحاكمة التي بدورها لا ترى حرجا من اعلان جهلها التام عن الإحاطة والإجابة، وقد جاء في كتاب مواقف الشيعة للأحمدي الميانجي ج3/ص116 أن أبا بكر قال: (أقيلوني فلست بخيركم وعليٌ فيكم)، وعمر بن الخطاب قال في أكثر من سبعين موضعا: (لولا عليٌ لهلك عمر) و(لا أبقاني الله لمعضلة لست فيها يا أبا الحسن) و(لا يفتين احدكم في المسجد وعلي حاضر). لقد خطّ الإمام عليه السلام طريقه الجهادي في رفع راية الإسلام، لا تأخذه في الله لومة لائم، وفي نفس الوقت كان الطرف الآخر من المعادلة، يعد العدة لقتل الإمام، وتقويض مشروعه الإصلاحي، فكانت الوقائع الدامية والتي أنبأ عنها رسول الله ص، فقد جاء في كتاب أمال يالطوسي ص425 قال رسول الله ص في حديث طويل لأم سلمة: (... يا أم سلمة اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، قلت: يا رسول الله من الناكثون؟ قال: الذين يبايعون بالمدينة وينكثون بالبصرة. قلت: ومن القاسطون؟ قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام. قلت: ومن المارقون؟ قال: أصحاب النهروان...). فالشهادة كانت ماثلة أمام عينيه، وهو آنس بالموت من الطفل في ثدي أمه، كما بصرح بذلك سلام الله عليه، حتى بشّره النبي الأكرم ص بالفوز بالشهادة، وسعادة الدارين، فقد جاء في كتاب أسد الغابة لإبن الأثير ج4 ص116 أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: حدثني الصادق الصدوق ص قال: (لا تموت حتى تضرب ضربة على هذه فتخضب هذه... وأومأ إلى لحيته وهامته، ويقتلك أشقاها، كما عقر ناقة الله أشقاها...).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=156131
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15