• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عند ذاكرة الحدث  مؤتمر البقيع...  .
                          • الكاتب : كاظم الناشي .

عند ذاكرة الحدث  مؤتمر البقيع... 

 بعميق الأسى، وقلوب تتقد حرقة وألم، نستذكر الجريمة النكراء لهدم قبور أئمة أهل البيت عليهم السلام، فكان لمؤتمر البقيع أن يلملم الجراح نداءات تبين عظم الفاجعة، وتطالب بإيقاف المد التكفيري، فكان من اهم المضامين التي اقيم من اجلها هذا المؤتمر هي استذكار هذه الجريمة النكراء، جريمة هدم قبور ائمة البقيع(عليهم السلام) واعلاء صوت الرفض والاستنكار ضدها، كي لا تتمادى الجهة التي قامت بهذا العمل الشنيع بأعمال اخرى مشابهة، وتبيان المظلومية التي ارتكبت بحق اهل البيت(عليهم السلام) ومدى هذه المظلومية، ومن هو الظالم، والعلاقة بين الأمة وبين المظلومين، وما هو منشأ هذه الجريمة الذي لو بحثنا عنها؛ لوجدنا ان هناك منشأ فكرياً منحرفاً، وهو منشأ إباحة الدماء والاعراض وانتهاك الحرمات والمقدسات... هذا المنهج الضّال الذي اراد قطع التواصل مع اصحاب هذه القبور المباركة.   
اما الرسالة التي وجهها المؤتمر للأمة الاسلامية؛ هي خطورة المنهج التكفيري على مستوى الفكر الاسلامي، وما يتعلق بمساسه بالنسيج الاجتماعي، ووحدة الامة الاسلامية. فهذا النهج التكفيري الذي استندوا اليه في هدم قبور ائمة البقيع (عليهم السلام) لا يقتصر على مسألة هدم القبور؛ بل انه تعدّى الى مسألة سفك دماء المسلمين من مختلف المذاهب الاسلامية، وهذه الجرائم التي ترتكب الآن والناتجة من الفتاوى التكفيرية التي  منشأها هذا المنهج التكفيري الضّال، نتيجتها ما نشاهده الآن في الساحة العراقية، وفي الكثير من الدول الاسلامية، فهؤلاء التكفيريون يسفكون دماء المسلمين دون استثناء، ويعتدون على الأموال والأعراض ويهددون وحدة الامة الاسلامية، ومن هنا نريد ان ننبّه الى ان هذا المنهج اصبح الآن يهدد أسس ودعائم الفكر الاسلامي عموماً، كما انه يحاول تشويه صورة المجتمع الاسلامي امام المجتمعات الاخرى... ونحن من هذا المكان المبارك نسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعاً في الحفاظ على فكرنا الاسلامي السامي، وما ذلك إلاّ بتواصلنا مع ائمتنا الميامين (عليهم السلام).
هذا جزء من كلمة الامانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، والتي اعقبت تلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلاها المقرىء اسامة عبد الحمزة، الكلمة قرأها الشيخ عبد المهدي الكربلائي الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة في مؤتمر يوم البقيع الذي اقامته العتبتان المقدستان على قاعة خاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله) في الصحن الحسيني الشريف، في الثامن من شوال 1430هـ في جلسته الاولى.
اعقبتها قصيدة بالمناسبة للشاعر (علي الصفار) وكانت تحت عنوان (هدير الجراح)، ثم قصيدة من الشعر الشعبي للحاج محمد علي النصراوي، كان مطلعها: 
احقاد ظلت مدفونة *** وگلوب بالشر مشحونة
بعدها قدّم العلّامة السيد (محمد حسين العميدي) بحثاً تناول الفتاوي الواهية في تبرير عملية هدم قبور ائمة البقيع(عليهم السلام) وفيه قال:
ان النبي (ص) في حياته وبعد وفاته حجة على جميع الخلق، وان قبره ما زال مرفوعاً عن الارض، وقبته السامية ما زالت قائمة عليه، وهذا ما يفنّد جميع الروايات القائلة بعدم جواز البناء على القبور، وان الفكر السلفي الشاذ يقف متحيراً بين قبر الرسول(ص) وبين قبور ائمة البقيع(ع).
كما اشار الى ان حكام السعودية هدموا قبور ائمة البقيع(ع) مرتين: الاولى عام 1220هـ الموافق 1805م ولكن الوالي العثماني (محمد علي باشا) طردهم ونكّل بهم. اما الثانية فكانت عام 1344هـ، حيث ارسل ابن سعود احد فقهائهم المزعومين وهو (عبد الله بن بليهد) الى المدينة فوجّه سؤالاً الى علمائها بجواز هدم القبور مضمّناً فيه الاجابة، وبالتالي افتى هؤلاء العلماء بجواز هدم القبور، اما من تأخر جوابهم فقد اجبروا على الاجابة بالجواز.
اما اتخاذ المساجد مع القبور او جوارها، فانها عادة المسلمين، فهم يدفنون موتاهم بجوار المساجد، او انهم يقيمون المساجد قرب القبور لا عليها، وهذا ما نشاهده اليوم في مسجد الامام الأعظم في بغداد الذي اقيم بجوار المرقد.
وفي ما يخص التمسح بالقبور والاضرحة، فقد ورد في كتاب العلل لأحمد بن حنبل (عن الرجل يمسّ قبر النبي(ص) يريد بذلك التبرك به) قال: لا بأس بذلك.
اما الجلسة الثانية؛ فاستُهلّت بتلاوة آي من الذكر الحكيم، تلاها السيد جعفر الشامي، تلتها قصيدة للشاعر معين الهر، بعدها قدمت فرقة انشاد الروضتين انشودة (شموع المأتم) من كلمات شاعر اهل البيت هيثم سعّودي الكربلائي والحان علي المنظور الكربلائي:
دمعي تمازجَ في حروفِ كلامي *** بنشيد حزنٍ للبقيعِ السّامي
هكذا ابتدأ الشاعر محمود سليم العضد من سوريا قصيدته، والتي اعقبها بقصيدة اخرى بالمناسبة، ومما قال فيها:
الظلم نفس الظلم في حلقاتهِ *** لكنّما الادواتُ ما يتغيرُ
اما مسك ختام المؤتمر؛ فكان مع حديث للسيد سامي البدري، قال فيه: ان الامام الحسين(عليه السلام) نسف عجل بني اميّة كما نسف موسى (عليه السلام) عجل بني اسرائيل، ولكنه(عليه السلام) نسفه بدمه الشريف فكان وريثاً لموسى، كما ورث عيسى(عليه السلام)لأنه نهض بأصحابه واصحاب جده وابيه واخيه كما نهض عيسى بحواريه، كما انه ورث اباه امير المؤمنين، وورث امه الزهراء(عليهما السلام)، واول ذلك ورث ظلامتها(عليها السلام)... فالامام الحسين ع قطب حركة الانبياء، وبه وبتضحياته اصبح الدين غضّاً طرياً. 
كما اشار السيد البدري الى حدث مهم جداً؛ وهو قيام حكام آل سعود في 20 نيسان 1802م بتجهيز جيش مكون من(12000) شخص غزوا فيه كربلاء وهدموا قبر الامام الحسين(عليه السلام) ونهبوا حمل(4000) بعير من نفائس الكنوز من العتبة المقدسة، وقتلوا(4000) من اهالي كربلاء من الشيوخ والاطفال والنساء. واضاف مطلوب منا اليوم احياء هذه الذكرى، وتبيان الفرق بين ما ارادوه وما اراده الله تعالى للامام الحسين ع من علو الشأن والمنزلة الرفيعة، وما بذله هذا الشعب الكريم من تضحيات في سبيل احياء ذكر اهل البيت(عليهم السلام)، هذا الشعب الذي اعتمد عليه الامام الحسين ع في نهضته، وسيعتمد عليه حفيده المنتظر(عجل الله فرجه الشريف) في نهضته التي سيملأ بها الارض قسطاً وعدلا.
وفي حديث لصدى الروضتين بهذه المناسبة، قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي الامين العام للعتبة الحسينية المقدسة:
لقد دعونا في خطبة الجمعة جميع اهل الفضيلة العلمية والمفكرين الاسلاميين الى ان يقوموا بحملة توعية للامة الاسلامية، وبيان خطورة هذا المنهج الذي ينتهجه هؤلاء التكفيريون، على صعيد المنهج الفكري، والجرائم التي يقومون بها بحق المسلمين جميعا، وان هذه الجرائم بدأت تطال الكثير من البلدان الاسلامية، آملين ان يكون لهم دور في توعية الامة، حتى نتجنب الاخطار المحدقة بها في فكرها وفي وحدتها.
اما السيد سامي البدري فقال مجيباً عن سؤال صدى الروضتين عن اهمية اقامة هذا المؤتمر:
اقامة هذه المؤتمرات هي افضل وسيلة لجعل الآخرين يراجعون موقفهم من ائمة اهل البيت(عليهم السلام)، ومن فكرة حرمة البناء على القبور؛ فهذه الفكرة لا يساعد عليها الدليل، واوضح دليل على فشلها ان ملايين المسلمين من زمن رسول الله(صلى الله عليه وآله) والى اليوم يطوفون حول البيت، ويصلّون عنده، وامامهم قبر اسماعيل وهاجر(عليهما السلام)، لذا فإن مواصلة هذه المؤتمرات والندوات توجد وعياً عاماً، وتوجد ضغطاً على من يحاول فرض رأي واحد بين عدّة آراء.
اما الشاعر السوري محمود سليم العضد فقال لصدى الروضتين عن اهمية عقد هذا المؤتمر:
عندما يكون هناك اعلام سلبي ومضلل، لابد ان يقابله اعلام ايجابي موجه صادق، يستند الى الحقائق والبراهين، يوضح نوايا ذلك الاعلام ومحاولاته لقلب الحقائق وبالتالي يعرف الناس مصدر النور الحقيقي الذي سيهديهم سبل الرشاد، واقامة هذا المؤتمر انطلاقة لهذا النور؛ لأنه اقيم تحت قبة سبط المصطفى(ص).
وفي حديث عن التحضيرات، قال الأستاذ علي الصفار عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر:
المؤتمر بجلستيه وبهذا الحضور النوعي من العلماء والمفكرين والمثقفين من داخل العراق وخارجه، وبتعدد فقراته، اضافة الى الحضور الاعلامي الكبير يحمل دليل تقدمه ونجاحه، فقد اضيفت هذا العام فقرة البحوث التي تخص المناسبة، نأمل في العام المقبل ان يكون المؤتمر عالمياً من اجل ان يصل صوت الحق الى كل العالم، وليصل صوتنا المدوّي في الدفاع عن مقدساتنا منطلقاً من ضريح الامام الحسين، وضريح اخيه ابي الفضل العباس(عليهما السلام).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155807
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14