• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : من معالم المدينة تشكلت لوحاته فازدادت ألقا .
                          • الكاتب : صدى الروضتين .

من معالم المدينة تشكلت لوحاته فازدادت ألقا

عبد الجبار الحداد
بين أنامله ينطلق الطين ليتخذ أشكالا شهدها وعاش بين طيّاتها وجنباتها، فتتلفع الألوان في ظل فرشاته التي لونت ذكرياته الحميمة في رحلة التعليم الطويلة، زارعا دربه برحيق سكبه للعلم والمعلم، نذر عمره شمعة حقيقية، تنير الطريق للقادم، فيستدل بها من يريد التزود، حتى بات عملة نادرة لمثال الإنسان الحقيقي، الذي ضحّى من أجل الآخرين.
هو مشرف مادة الفنية الاستاذ عبد الجبار حسن الحداد من مواليد كربلاء 1930م، تم تعيينه على ملاك مديرية التربية في كربلاء في العام 1955، وأحيل على التقاعد في العام 1989م، حدثنا عن رحلته الطويلة في الإشراف والتعليم: 
بداية تعييني كانت على ملاك الابتدائي، من ثم تحولت إلى مركز الاشغال اليدوية بدعوة من مشرف المركز آنذاك الأستاذ نعمة دهش. وهذا لأن عملي هو الذي حدد طريقي القادم ذلك أنهم أعجبوا جدا بما أقوم به. وبالأدوات البسيطة التي يمتلكها المركز استطعنا من اقامة منجزنا من السيراميك والفخار، إذ لدي المعرفة بهذا العمل، فقمنا بشراء فرن صغير، وبناء (كورة) متواضعة لنصهر المواد الخاصة بالسيراميك والفخار، واتذكر ممن كانوا يعملون معنا المرحوم الحاج حسن النقاش، وهو ذاته الذي كان يعمل على الكاشي الكربلائي في عتبات كربلاء المقدسة، وقد مد لنا يد العون كثيرا، بعد هذا ذهبت بدورة إلى بغداد لمدة ثلاثة أشهر تعلمت من خلالها فنونا كثيرة، إذ انني خريج دورة تربوية بعد تخرجي من الاعدادية، وكانت الدولة في ذلك الوقت بحاجة الى معلمين، تأسيس مركز الاعداد والتدريب جاء بعد فترة طويلة من تعييني، كنا نفتقد في ذلك الوقت الى أقل الامكانيات اللازمة، حتى الطين كنا نأخذ سيارة ونذهب الى منطقة خان بني سعد، ذلك ان الطين في هذه المنطقة يختلف عن غيره في عدة مناطق، ذلك ان العمر التاريخي لهذه التربة يصل الى آلاف السنوات، ومعظم التغيرات الجيولوجية التي طرأت على التربة لم تسبب مشاكل فيها. ومن هذا الطين اشتغلنا التراث الكربلائي، المنائر، البيوت، الشناشيل، كل هذه المواد الخام للعمل الفني، لإبراز القيمة الجمالية التي تتمتع بها مدينة كربلاء.
وأذكر ان كوادر التصوير من الاذاعة والتلفزيون، كانوا يجيئون إلى كربلاء، وإلينا بالخصوص لتصوير اعمالنا التي تمتاز بقيمة فنية وجودة عالية. حتى حاز الجناح الكربلائي في معرض بغداد لأكثر من مرة الجوائز الأولى، التي تؤكد أهمية العمل الفني الكربلائي. إذ كانت لجنة خاصة من معرض بغداد الدولي تقيم العملي الخاص بجناح كربلاء، من ثم التعاقد معه لشرائه وإرساله لبيعه في لندن، ومن بين هذه الاعمال كانت الجداريات، والمسلات والأسد البابلي، والاعمال الاسلامية الشهيرة كالمآذن والجوامع وما إلى ذلك. وأتذكر ان مدير الجناح الإيطالي، اشترى اعمال جناح كربلاء بالكامل. هذا يؤكد أهمية القيمة الفنية التي تحتويها هذه الاعمال. وهذا يجيء من كون هذه الاعمال تحاكي الواقع، ذلك انها يدوية، وتمثل المكان العراقي ذاته. 
اشتغلت العديد من المعارض ففي محافظة كربلاء وصلت إلى 20 معرضا، وخارج كربلاء في بقية المحافظات وصلت إلى 12 معرضا. حصدنا من خلال هذه الاعمال العديد من الجوائز إذ مثلنا كربلاء بما يليق بها.
اشتغلنا في هذا المركز الكثير من الاعمال التي تمثل واقع المدينة، ويمكن رؤية ذلك من خلال صور المعارض او بعض الاعمال المتبقية هنا في المركز، مرت علي أجيال متعاقبة وكثيرة، وتخرج من تحت يدي العديد من المعلمين والمعلمات، حبي للمهنة هو الذي دعاني إلى ان ابقى بعد خروجي على التقاعد، وبقائي في عطائي هنا مستمرا، ذلك انني اجد نفسي في أروقة هذا المركز، وبين أعمالي من الرسم والنحت والتشكيل، وبعد سنوات من الخدمة وصلت الى أكثر من 34 عاما تقاعدت من الخدمة بمحض إرادتي. وكما ترون ما زلت بهذا العطاء وبهذه الحماسة التي دخلت بها الى التعليم منذ أكثر 54 عاما. ولا اعتقد ان هناك ثمة ما يثنيني عن عملي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155773
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13