كان داخل المقلمة، ممحاة صغيرة، وقلم رصاص جميل...
قالت الممحاة: كيف حالكَ يا صديقي؟.
أجاب القلم بعصبية: لستُ صديقك!
اندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟
فرد القلم: لأنني أكرهك.
قالت الممحاة بحزن: ولِمَ تكرهني؟
أجابها القلم: لأنكِ تمحين ما أكتب.
فردّت الممحاة: أنا لا أمحو إلا الأخطاء.
انزعج القلم وقال لها: وما شأنكِ أنت؟!.
فأجابته بلطف: أنا ممحاة، وهذا عملي.
فرد القلم: هذا ليس عملاً!.
التفتت الممحاة وقالت له: عملي نافع، مثل عملك.
ولكن القلم ازداد انزعاجاً وقال لها: أنت مخطئة ومغرورة.
فاندهشت الممحاة وقالت: لماذا؟!.
أجابها القلم: لأن من يكتب أفضل ممن يمحو.
قالت الممحاة: إزالةُ الخطأ تعادل كتابةَ الصواب.
أطرق القلم لحظة، ثم رفع رأسه، وقال: صدقت يا عزيزتي!
فرحت الممحاة وقالت له: أما زلت تكرهني؟.
أجابها القلم وقد أحس بالندم: لن أكره من يمحو أخطائي.
فردت الممحاة: وأنا لن أمحو ما كان صواباً.
قال القلم: ولكنني أراكِ تصغرين يوماً بعد يوم!.
فأجابت الممحاة: لأنني أضحِّي بشيءٍ من جسمي كلما محوت خطأ.
قال القلم محزوناً: وأنا أحس أنني أقصر مما كنت!
قالت الممحاة تواسيه: لا نستطيع إفادة الآخرين، إلا إذا قدّمنا تضحية من أجلهم.
قال القلم مسروراً: ما أعظمك يا صديقتي، وما أجمل كلامك!.
فرحت الممحاة، وفرح القلم، وعاشا صديقين حميمين، لا يفترقانِ ولا يختلفان.
|