هل رأيت يوما ميتا عاد الى الدنيا؟ وهل رأيت صبيا يتكلم في المهد؟ وجائعا نزلت عليه مائدة من السماء؟ وهل رأيت رجلا يقدر ان يشافي الأعمى والابرص دون علاج؟ ورجلا آخر تردد معه الجبال والطير تسبيحاته؟ ويلين الحديد بيديه؟ ورجلا يفهم منطق الطير واحاديث النمل؟ وهل رأيت يوما عصا تنقلب الى ثعبان؟ او شاهدت رجلا يجلس في وسط النار وكأنه يجلس في حديقة يانعة؟ هي احداث ومشاهد لاتخطر على عقل الانسان، لكنها حدثت بالفعل واخبرنا عنها القرآن الكريم. فهل العقل الذي لايتحمل مثل هذه المعجزات يعني أنها غير موجودة؟ طبعا لا... وكذلك غيبة الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) فهي معززة بأحاديث النبي محمد (ص) فمن انكر الغيبة عليه ان ينكر جميع هذه الخوارق التي آمن بها كل مسلم. ومن اعترف بتلك الخوارق عليه ان يعترف بإمكان وجود المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وللأسف يعاملها البعض وكان المسألة تخص الشيعة لوحدهم، فالمهدي مهدي الشيعة هكذا هم يرون... ولكن لو نظرنا في الارث السني سنجد ان كتب الصحاح الستة قد ذكرته وتجدها في الحديث رقم 4082 في سنن ابن ماجة: (حتى يدفعونها الى رجل من اهل بيتي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا) حديث رسول كريم (ص) كذلك ستجدها في احاديث رقم 4083/ 4085/ 4086/ 4087/ وجميع هذه الاحاديث الشريفة عن الامام المنتظر وكما ورد في سنن ابي داود السجستاني ج2ص422 قال رسول الله (ص): (لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم فطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من اهل بيتي يواطئ اسمه أسمي واسم أبيه أسم أبي يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين) وعدة احاديث أخرى حيث جاء في صحيح الترمذي ج9 ص74 عدة احاديث بنفس المعنى... فهذا المهدي الذي تحدثت عنه كتب الصحاح الستة هو المهدي المنتظر عند الشيعة الامامية فهل يعقل ان تكون هناك خرافة مصدرها رسول الله صلى الله عليه وآله فالذين يسخرون من فكرة المهدي هم بالتأكيد يسخرون من الاسلام ونبي الاسلام من حيث يشعرون او لا يشعرون وجاء هذا المعنى في كتاب فوائد السمطين لمحمد بن ابراهيم الشافعي عن النبي صلى الله عليه وآله: (من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما انزل على محمد) فأين قول القائلين بابتكار الشيعة لفكرة المهدي تعويضا ومتنفسا عن معاناتهم الا يدل هذا القول على الجهل بسنة الرسول. والآن للأسف نقرأ للكثير من الكتاب الذين حشروا انفسهم في مواضيع الدين وهم يجهلون كتاب الله وسنة رسوله ويصدرون احكاما قاطعة دون ان يتوقف احدهم عند اقوال علمائهم وآرائهم وكلما قيل عن المهدي يتصل بالاحاديث النبوية كمسند، وولادته ثبتت لبعض اقوال النبي والائمة عليهم السلام، وآمن الكثير من علماء السنة بولادة الامام (عجل الله تعالى فرجه) مثل كمال الدين محمد الشافعي في كتابه (مطالب المسؤول في مناقب آل الرسول) ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه (البيان في اخبار صاحب الزمان) وكتابه (الطالب في مناقب امير المؤمنين علي بن ابي طالب) وعلي بن محمد الصباغ المالكي في كتابه (الفصول المهمة) وابو المظفر ابو يوسف البغدادي الحنفي المعروف بـ(ابن الجوزي) في كتابه (تذكرة الخواص) ومحي الدين بن العربي وهو عالم مشهور في كتابه (الفتوحات المكية) وعبد الرحمن بن محمد الحلفي وعبد الوهاب الشعراني في كتابه (عقائد الاكابر) وعطاء الله بن غياث الدين في كتابه (روضة الاحباب في سيرة النبي وآله والاصحاب) ومحمد بن محمد البخاري في (فصل الخطاب) والعارف عبد الرحمن في (مرآة الاسرار) والشيخ حسن العراقي واحمد البلاذري وابن الخشاب في تواريخ مواليد الائمة ووفياتهم... هذه هي مسألة المهدي عرضت على العقل فلم ينكرها، وعلى القرآن الكريم فوجدنا اشباها لها ونظائر، وعلى سنة الرسول (ص) فكانت هي المصدر الاول، وعلى علماء السنة فألفيناهم مجمعين عليها... فاين الخرافة يا هؤلاء يا من يخرج منكم كل يوم واحد ليكفر الملايين ويطعنهم في مقدساتهم ويصفهم بالجهل؟.