• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قراءة نقدية (الاستقرار النصي) الجزء الثاني .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

قراءة نقدية (الاستقرار النصي) الجزء الثاني

ومثل هذا التماثل أمام التاريخ، كان شعورا جمعيا، ثمة استيعاب عام، والتحام شعوري، ولذلك نجد بعض الاشتغالات الشعرية قريبة عن بعضها البعض، في تجارب العديد من الشعراء من حيث التخريج الانشادي اللحني. وبعض القصائد وردت بمعنى المحاكاة مع تجارب أخرى من حيث المعنى: 
 (شلون تقبل سيدي تنساني وانته بضميري وخاطري ووجداني او لا طاح ذكرك سيدي من الساني هيهات ينضام الذي ابعز احماك) 
 وتتنوع الشعرية بين المواليد والمصائبية، لتمنح الوضوح الحنيني، وروح الاتحاد مع أهل بيت الرحمة. وهذا التنوع يعتبر وعيا حيث يتجسّد الحضور حلا وارتحالا.. حضورا في الحضور.. وحضورا في الغياب. وهذا وعي ايماني دخل شعلة الشعر همّا يتداخل بين (الفرح ـ الحزن) فرحا يؤدي الى نتيجة مهمة هي التمسك بمحبة أهل البيت عليهم السلام. نجد ثمة توالف غريب بين البساطة المعروضة، وبين الرؤيا الفلسفية التي تحتكم الوجود.. 
 (بيه تحف نخبه اصطفاها امن الازل رب البريه). 
فالمعروف في الرؤى النقدية، ان لكل قصيدة شعر لها عوالمها التي منها تنبع فيض التجربة الحقيقية، هذا التنوع بين فرحة المولد، وحزن المصاب، يحتاج الى تنوع في الاشتغال الشعري أيضا. 
فالملاحظ مثلا خطوات الانتقال النوعي بين مباشرة الخطاب، وبين التحاور الداخلي في قصيدة (العليلة). سعيا لأنسنة الدار المحاورة تلك التي هي مخاض شعوري، يعمق الصلة الشعورية بين التلقي والرؤى التاريخية، كوسيلة تعبيرية: 
 (خان الدهر بيهم حيف يا حيف الجانو مربع الوفاد والضيف 
 ما ظنن بعد يلتم شملنه الجانت بيهم اربوعي زهيه). 
 فمن الطبيعي انها اصبحت حية في وجدان الشاعر، وسعى لنقل هذه الحياة الى العالم. والشاعر بطبيعته لا يتحاور مع الاشياء الميتة، فهو أنسن الدار لتصير امتدادا له (لشعوريته، وحنينه، وإنسانيته). ثمة فصل بين العين الداخلية، وبين العين الخارجية التي يرى الشاعر المصيبة فيرويها، وكأنه ينقل أحداثا عاشها: 
(زينب لاخوها هلهلت من شافته 
 لمن حده  وعله العده صال ونحرها ابهمته)
والشاعر فؤاد العبادي تنوع في التجسيد في الالتحام بالشخصية حد الغوص في معناها تصبح أم القاسم نبضا فيه يتمحور النبع العاطفي الإنساني: 
 (عكبك أظل امحيره أو محد إلي ترضه اروح مسيّره او ما من ولي) ولابد للقراءة الإنطباعية ان تبحث عن خاصية الاستقرار، فالخارج النصي ليس حقل تجارب لكي نعكسها على الواقع دون دراية. فالشاعر العبادي واغلب شعراء جيله تعاملوا مع التاريخ ككيان واقعي مستقل بذاته، فهو يجيد قراءة التاريخ. 
ولذلك تجد زينب عليها السلام الام، والاخت، والحبيبة، والعمة، والصوت، الصارخ... ليمثل صوتها الصبور صوت المرأة بعيداً عن المحددات الزمانية والمكانية، وهذا يعني شمولية التجسيد. ومعنى الاستقرار يكمن في عملية دخول التاريخ والتماثل معه كوجود لايستخدم للهروب من الواقع بل يحضر التاريخ يافعا حيا ينبض بالحياة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=155259
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 05 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13