وأما قوله « إنّ صلاتی ونسکی ومحیای ومماتی لله ربّ العالمین لا شریك له »
فهو إشارةً الى أنّ كل عبادات الإمام عليه السلام بل وكل حركاته و سكناته في حياته الدنيوية كانت خالصة لوجهه (تعالى)، لا بدافع الدخول الى الجنّة ، أو الخلاص من النّار ، و بهذا فهو عليه السلام يعلمنا بأن هذا الحال الذي يجب أن يكون عليه المؤمن الذي يسعى لنيل الكمال البشري
والقرب الالهي .
وذكره عليه السلام للصلاة دون سواها من العبادات ليس من باب الحصر و إنما لأن الصلاة عنوان العبادات الأبرز و معلمها الأجلى ..
ثانياً : « ثمّ إنّي أوصیك یا حسن وجمیع أهل بیتي وولدي ومن بلغه کتابي: بتقوى الله ربّکم ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جمیعاً ولا تفرّقوا
{ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم} (رواية الطوسي)، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله علیه وآله یقول : صلاح ذات البین أفضل من عامّة الصلاة
والصیام، و { إنّ البِغضَةَ حالقة الدين } أنّ المبیرة الحالقة للدّین {و} فساد ذات البین، ولا قوة إلّا بالله العلي العظیم، انظروا ذوي أرحامکم فصلوهم یهوّن الله علیکم الحساب »(2)
لم يحصر الإمام (عليه السلام) خطابه بالوصية على أولاده و من يقرب اليه وحسب بل وسع دائرة المخاطبين بها ، بحيث شملت الإنسانية جمعاء، ولم يستثنِ منها أحدًا، بصرف النظر عن مذهبه أو دينه أو عرقه أو لونه،
وإن دل هذا على شيء إنما يدل على عُمق تَرسخ البُعد الإنساني في داخله (عليه السلام).
وقد قدّم الامام (عليه السلام) التوصية بتقوى الله (تعالى) إشارة إلى أهمّيتها ، وكيف لا تكون كذلك
وهي العامل الاساسي في قبول الاعمال والعبادات ؟؟
كما إنها تستوعب كلُ فعلٍ يصدر من الإنسان سواء كان نفسي داخلي أو خارجي .
|