خيوط تتجمع لتحيك تراثا فنيا لمدينة يعبق تاريخها بشخوص رسموا كل تفاصيل لوحتها الإبداعية، في مختلف مهنهم التراثية، ومنها مهنة التطريز. ألوان تتداخل لتصنع واقع اللحظات لزمن ماضٍ في لوحات تنقل للحاضر بصمات صانعها، من خلال نقوش وقعتها أيادي مبدعها... ومن أقدم الذين ألفوا هذه المهنة محمد حسن ابن الحاج محمد رضا الشيباني... وهو من المعروفين كأقدم صاحب محل تطريز في كربلاء لنتعرف من خلاله على بعض معالم هذه المهنة.
صدى الروضتين: بدايتكم مع عالم التطريز؟
محمد حسن:ـ كانت البداية مع والدي رحمة الله الذي هو من مواليد 1906 وقد عمل في هذه المهنة منذ كان في سن صغيرة... حيث اخبرنا انه كان جالسا على مكنة التطريز عند دخول الجيش الانكليزي إلى العراق. وقد أكتسب هذه المهارة من أستاذه في بلاد الشام، ومن هناك جلبت ماكنة التطريز الأولى التي كان يعمل عليها، حيث هي من طراز برلين إنتاج 1876 يدوية العمل وتحرك بالساقين، وأول قطعة أكملها باحترافية، عندما كان عمرة سبعة عشر عاما... وكان هنالك نوع واحد من التطريز آنذاك وهو المسمى (بالاغاباني ) وكانت الخيوط تجلب من الشام على شكل لفات تسمى (الفنطازي) وتعني الحرير أو الشليلة ثم تفتح هذه اللفة المعقدة من الخيوط بواسطة جهاز يدوي آخر يسمى ( الطيارة ) حيث تلف علية الخيوط بشكل مرتب، لتوضع بعدها في الماكنة. ومن الأقمشة التي كان يتم التطريز عليها هو قماش (الجوخ).
ومن أعماله: توجد قطعة في متحف الإمام الرضا(ع) وأقدم قطعة لازلنا نحتفظ بصورة منها هي لموكب عزاء محلة 90 كركوك وهي بتاريخ 1945 وقد وصل عمله إلى إيران ودول الخليج ومعظم مواكب العراق مابين الخمسينات إلى الستينات... كانت لا فتاتهم من تطريزه. وبعدها عملنا أنا وإخوتي في نفس المجال حتى وفاة الوالد، ليصبح بعد ذلك لكل منا محله الخاص.
صدى الروضتين: بدايات المهنة وتغيراتها ؟
محمد حسن: التطريز مهنة عالمية، وقد كانت في بداياتها يدوية ثم تطورت بعد أن دخلت الماكنة تقريبا عام 1800م واليوم دخلت ماكنات حديثة تعمل على الكمبيوتر وماكنات البراتو. وقد علمنا الوالد المهنة منذ كنا صغارا أنا وإخوتي الخمسة، وأصبح التطريز مهنه العائلة. وقد طرأت تغيرات أخرى على المهنة من حيث العمالة الماهرة التي دخلت إلى العراق، فقد أضافوا نقوشا جديدة وطوروا في أساليب التطريز إضافة إلى أنواع الخيوط التي دخلت إلى البلد.
وفي فترة الثمانينات صعودا كان التطريز يقتصر على المفروشات وتطريز البدلات. وفي التسعينات عانينا من عدم وجود المواد الاحتياطية للمكائن، وكانت أسعار القطع تتراوح مابين الثلاثة دراهم إلى الخمسة الدراهم في العشرينات والثلاثينات. أما في الستينات فكانت تتراوح مابين ستة دنانير إلى ثمانية دنانير... وقد ارتفعت الأسعار اليوم إلى ما يصل 30 ألف. وقد قمنا بتطريز راية الإمام الحسين عليه السلام وعمل بعض القطع لضريح الإمام الكاظم (ع) وفي الغالب نستخدم النقوش الإسلامية النباتية وهنالك نقوش أخرى مثل المغربية والهندسية.
|