توارث المسلمون مقاصد مؤطرة بالانحرافات الكبيرة حتى برز بين ثنايا الأمة خلل أدى إلى تباينات فكرية رابضة على العقول والقلوب، فصار البعض يطالبنا بالكثير من التنازلات الوجدانية ومن قيم وعينا وإيماننا يريد أن يصهرنا تحت بوتقة هذا الصدع لنفسر التاريخ مثله جهلا ونحمل في زحمة هذا التهريج الذي راح يسابق الموبقات الفكرية... تفسيرات تأويلية تخفف وطأة الذلة والعار عن الطاغوت اليزيدي وأتباعه فاعتمروا اليوم حربا ضروسا ضد الطقوس العاشورائية بين جاهل ومعاند بينما كل ما في هذه النهضة الحسينية أوسع من التفسيرات الطائفية التي أولت إن عاشوراء شيعي وهذا بطبيعته عدم فهم واضح لمعاني الثورة نفسها وكأن الحسين ثار من أجل الشيعة... ثمة خلل لابد أن نتداركه كشعب مسلم يريد النهوض بأمة موحدة من خلال بث الوعي الفكري بصيغ توفر للمجتمع السني ظروفا موضوعية يطلع بها على الثقافة الحسينية دون أن نضع أحدا بين قوسين لغاية أسمى هي أن تسود أجواء ناصعة تستطيع أن توضح أبعاد الثورة بمفهوم إسلامي عام ولابد لأتباع المذهب السني أيضا أن يدركوا إن لغة التفريس والتعجيم لهذه الطقوس العاشورائية بليدة تقوم على مغالطات كثيرة تحجب حقيقة أنها انتقلت إلى فارس من البلاد العربية وتلبست بمظاهر الصفويين وقبلهم البويهيين، ومن المعروف تماما إن التشيع الإيراني تأسس على يد إعلام عربي ذهب إليهم من الإحساء ومن جبل عامل، وصرنا نخشى أن نقول الإسلام دين يرفض هذه التجزئة القومية خشية أن نتهم بالانجراف الصفوي... لكن لابد أن نوضح لكل مسلم إن مثل هذا الحكم الفارغ لتفريس طقوس عاشوراء سيشمل تفريس الحضارة الإسلامية بدل أن ننظر إلى الطقوس العاشورائية على إنها فارسية لننظر إلى المدرسة السنية نفسها نظرة علمية فنجدها احتوت الكثير من أصول الفقه والحديث على يد مفكرين أعاجم واغلبهم من بلاد فارس فالبخاري رجل فارسي ومسلم أيضا وابن حنبل والترمذي وابن ماجة وبعد نجد هناك أسماء كثيرة مثل الدار قطني والطبري والغزالي وغيرهم الكثير... علما إن منابر إيران كانت من أكثر المنابر التي سبت عليا عليه السلام حتى بعد عصر عمر بن عبد العزيز...القضاء على هذا الخلل يحتاج منا أن نحمل الخطاب الحسيني وعيا ليصبح خطابا عالميا كونيا لنصل به إلى وعي العالم ونضجه.
|