يحاول البعض التركيز على تلقينات التعليم المدرسي وبعض تعاليم بيئية جعلتهم بعيدين عن عوالم الثقافة المتطورة والابداعات المعاصرة وتصدر مثل هؤلاء للأجندة الثقافية الإعلامية يدفع بهم إلى الولوج أكثر في الوهم فمجرد تصور أنفسهم أنهم في حالة الصدارة للمسؤوليات الثقافية- تتجلى في سلوكهم نزعة الإقصاء للآخرين فمن الطبيعي أن تحكمه النظرة التقليدية الضيقة ضمن أساليب كتابية متهرئة تعوَّد عليها، وتجميد حالات التفاعل مع المعطيات الثقافية وبالتالي بترها عن سياقها الفاعل والمؤثر في الحياة فالثقافة ممارسة معرفية واعية وإيجابية تقوم على التفاعل مع المعاصرة والإصالة لتمنح الإنسان الرؤى والأفكار والتصورات في رسم معاليم الحياة ومن ثم إعطائها الشكل المنسجم مع مضامينها- وهي ليست ظاهرة محلية- فهناك اشكالية أخرى مرافقة لها ومرتبطة بها ولا تقل خطورة عنها وهي الإشكالية في تسمية (المثقف) التي تحمل الكثير من المغالطات - فالصاق صفة المثقف بالمهندس والمعلم والطبيب والإستاذ الجامعي تندرج ضمن هذه المغالطات، حتى وإن أصابوا حظا وافرا من الزاد المعرفي وسعة الاطلاع على الآداب والعلوم والفنون والتواصل مع المعطى الثقافي الجديد، بسبب تفشي حالة من الأمية حول فهم الثقافة، وإن تصدر مثل هؤلاء لبعض الأنشطة الثقافية والإعلامية يساهم إلى حد ما في تعميق حالة التخلف والانقياد له لكونها جزءا من هذه الحالة ويمكن تشبيهها بالطفيليات التي لا يمكن لها أن تغادر الوسط الذي تنمو فيه.
|