• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إغتيال الزعيم غاندي  (تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما كي أنتصر)  .
                          • الكاتب : شذى عبد علي .

إغتيال الزعيم غاندي  (تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما كي أنتصر) 

 سار إلى المنصة التي اختارها ليشرف منها على جموع المصلين الذين ألفوا أن يشاركوه الصلاة، فتقدم إليه شاب ثم ركع عند قدمي غاندي، ووجه إليه الخطاب قائلا: 
¬ لقد تأخرت اليوم عن موعد الصلاة ؟ فأجاب المهاتما: نعم قد تأخرت.
ولم يكن هذا الشاب سوى محرر جريدة (هندور اشترا) المتطرفة، التي لم تكف عن اتهام غاندي بخيانة قضية الهندوسيين بتسامحه مع المسلمين، ولم يكد يتم المهاتما هذه الجملة القصيرة حتى انطلقت ثلاث رصاصات، لتخرج روحه من إسار البدن، ولم يبق فيها سوى هذا الجسم الصغير الناحل، الذي احتمل من مشاق الدنيا، ما لم يحتمله أحد في العصر الذي عشناه، وسجي الجثمان في شرفة، وأضيئت الى جانب رأسه، خمس شمعات تمثل العناصر الخمس: الهواء، والضوء، والماء، والأرض، والنار، وقد قتل غاندي برصاص مسدس، وقد كان يكره الآلات، ويلعن الحضارة الأوربية أو الغربية ويتهمها بأنها بلا قلب لأن قلبها من حديد، وكان يقول أن نكبة الهند ليس أصلها احتلال بريطانيا، إنما أصلها احتلال الحضارة الغربية لأن المستعمرين هم ضحايا هذه الحضارة التي تعبد إله الذهب، ولا تدين إلا بالآلة التي تزيد متع الحياة فتزيد الإنسان شرها، وتزيد حياته نصبا وهما.
اسمه موهنداس غاندي
ولقبه (المهاتما).. لقب به فيما بعد ومعناه: الروح الكبير.
ولد في 2 اكتوبر سنة 1869 من أسرة عريقة، وتعلم في الهند ودرس القانون في انجلترا. وتزوج وهو في سن الثالثة عشرة من عمره، لقد قرأ القرآن الكريم وأعجب بشخصية الرسول (ص) وخاصة عندما قرأ عنه ما كتبه كارليل في كتابه: (الأبطال). وقرأ الإنجيل وعرف ما فيه من دعوة الى الحب والتسامح، وعندما أتم دراسته في القانون عاد إلى الهند ليعمل محاميا، ثم اتجه الي (دربان) في جنوب أفريقيا، حيث شاهد التفرقة العنصرية علي أشدها، وشاهد كيف يعامل الهنود بازدراء، وشاهد بنفسه كيف تلعب التفرقة العنصرية دورا خطيرا في حياة الناس، ومر هو نفسه بتجربة عندما قطع تذكرة بالدرجة الأولي في إحدى القطارات، واستاء البيض من ذلك واستدعوا له البوليس حيث أجبر على مغادرة القطار!!
وظل غاندي قرابة العشرين عاما في جنوب أفريقيا يدافع فيها عن حقوق الهنود، ويندد بالتفرقة العنصرية، خاصة عندما كان يعود إلى الهند ويكتب المقالات في الصحف، وظل ينادي بالحرية ويندد بهذه التفرقة العنصرية، وأن الإنسان قيمته في ذاته وليس في لون جلده وأنه يمكن عن طريق المقاومة الروحية، وعن طريق الحب لا العنف، وعن طريق المقاومة السلمية أن يحقق نتائج ايجابية هائلة، فإذا كانت القوانين جائرة مثلا فلا ينبغي إطاعتها أو تنفيذها، مما يضطر الحكومة إلى محاولة تصحيح هذه القوانين، عاد غاندي إلى الهند عام 1914 ليواجه عدوا أكثر شراسة وهو الاستعمار الانجليزي الذي يعبث في أرض الهند فسادا، ويحتكر ثرواته، ليعيش الإنسان الهندي تحت خط الفقر، فبدأ غاندي ينشر مبادئه في العمل على مقاومة الاستعمار بالاستغناء عن السلع الانجليزية، والاكتفاء بما هو ضروري للحياة، وتحسين وضع طبقة المنبوذين وحدث أن أصدرت الحكومة قرارا بأن يشتري الناس (الملح) من الذي تنتجه الحكومة ومنع الناس من تداول الملح التي تنتجه الجهات المحلية، فما كان من غاندي أن أعلن رفضه لهذا القانون الجائر، واتجه نحو البحر في مسيرة ضمت آلاف من الهنود، وكان البحر يبعد أكثر من مائتي ميل، وبالطبع تابع العالم هذه المسيرة الضخمة، وسمع الضمير العالمي كله بما يفعله الاستعمار في الهند، ولم يأبه بما حدث له بعد ذلك حيث سجن، فإن كل ما يهمه أن يعلن للعالم كله مدي سخف القوانين الاستعمارية، حيث أنها تريد أن تحتكر الملح، والملح ملك للجميع، ويمكن استخراجه بسهولة ويسر، وواصل المهاتما غاندي كفاحه المرير ضد الاستعمار، بالخطب النارية وبالقدوة حيث أنه كان يكتفي أن يلبس ثوبا صنعه بنفسه من القطن أو الصوف وما كان يؤرقه شيء كما يؤرقه الوقيعة التي حاول الاستعمار أن يفرق بها بين المسلم والهندوسي والمسيحي، وتشاء الأقدار أن يكون هو نفسه ضحية هذا التعصب الأعمى الغبي البغيض.
لقد قاد المهاتما غاندي الهند نحو الاستقلال والحرية باقتدار شديد، ومن خلال فلسفة غاية في البساطة: المقاومة السلمية والعمل والنضال، وسرعان ما ذاع صيته في كل أنحاء العالم كرمز للمقاومة المستنيرة للاستعمار، وبدأ زعماء العالم يعرفون من هو غاندي.. ذلك المحامي الذي ابتكر أسلوبا جديدا للمقاومة لا تستطيع أساطيل انجلترا ولا جيوشها المنظمة من تدميره، ولا أسالبيها في البطش وكبت الحريات، فقد كان يعرف أن نهاية نضاله معروفة ولاشك في النتائج التي ستؤدي إليها سياسته وهي الاستقلال، وأن الهند على عتبة الحرية، حتى أيقن تماما بعد أن التف حوله الهنود وأصبح حوله العديد من تلاميذه المرموقين من أمثال (نهرو) أن الهند سوف تتحرر من ربقة الاستعمار البغيض، وأنها ستكون قدوة للبلاد الأخرى الرازحة تحت نير الاستعمار كي تتحرر هي الأخرى وتأخذ مكانتها بين الأمم والشعوب الحرة، لقد اغتيل المهاتما.. ولكن أفكاره وتاريخه سوف تظل طريقا لكل من يريد أن يسلك درب الحرية والاستقلال دون إراقة الدماء .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154504
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14