• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : رسالة جريح .
                          • الكاتب : زينب العارضي .

رسالة جريح

بذل الدماء فداء وضحى بكل شيء متاح؛ ليعرج إلى قمم الكمال والفلاح، صان وجه الأرض أبيا وصرخ من وهج الشوق: إلهي خذ مني نجيعي وتقبل نزف الجراح، ها هو فيض دمي يخبرك أنني خضبت فيك، ها هو جسدي يمتلئ بالشظايا وكلي شوق إليك، فأنا الجريح: مجاهد غيور ثَبَتُّ في الميدان وكل همي أن أرضيك، كنت أرقب النصر أو الشهادة لألتقيك، لكنني عدت إلى بيتي جريحا قبل أن أبلغ المرام، وحملت جراحاتي وساما ويا له من وسام، واصلت دربي وجعلت من ألمي زادا لأخوتي المجاهدين الكرام، وانطلقَتْ من فم جراحي النازفة عبارات التشجيع والدعم للمرابطين هناك على الثغور، لاحملهم على الثبات حتى تحقق النصر أو الفوز بالشهادة والحبور.
فمن قال انني لا أستطيع حمل السلاح؟
وهل يقتصر الجهاد على التواجد في ميادين الصراع والكفاح؟!
أبدا والله إنه يتجلى في كل زاوية نستطيع من خلالها تعجيل بشائر النصر وتحقيق النجاح، فرسالتنا مستمرة دائمة، وان بقينا حبيسي دورنا أو كراسينا المتحركة، رسالتنا وعينا وحبنا لديننا والهنا واسلامنا ومقدساتنا، وهذه لا تعرف الحبس ولا القيود، بل تتحرك على الدوام داعية لتحمل المسؤولية والتفاني في سبيل رضا المعبود، والتمهيد لدولة الحق المرتقبة لامامنا الموعود.
نعم قد نخسر أبصارنا، أو نبتلى بفقد أحد اطرافنا، ولن نبتئس لما قدمنا لثقتنا بما وعد ربنا، أولم يقل نبينا  محمد صلى الله عليه وآله: " من جرح في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه كريح المسك ولونه كلون الزعفران عليه طابع الشهداء"؟!
أو لم يمسح النبي صلى الله عليه وآله على فؤاد ذلك الرجل الضرير الذي كان متألما من فقد بصره، حينما أتاه يسأله الدعاء، فقال له: " تثاب عليه الجنة أحب إليك أم يرد عليك بصرك؟ فقال: يا رسول الله وإن ثوابها الجنة؟!، قال: الله أكرم من أن يبتلي عبدا مؤمنا بذهاب بصره ثم لا يثيبه الجنة".
نحن نعلم بكل هذا ولا نعترض على ما اختاره الله تعالى لنا بحكمته، وإن امضينا بقية عمرنا في عجز وألم وعناء، فنحن نعلم أن الطريق لا يزال مفتوحا أمامنا، وأبواب الارتقاء مشرعة بوجوهنا، فلطالما كانت لصورنا وجراحنا وعزمنا أبلغ الأثر على نفوس إخوتنا الابطال، فنحن من يشد عزائمهم، ويشحذ هممهم، ويرفع معنوياتهم، ويمدهم بالقوة والصبر حتى الظفر.
لقد جعلنا من جراحنا لوحة متحركة تجوب الأزقة والأحياء، لتعبر عن الصمود والتحدي والاباء.
نعم نحن على فراش مرضنا أو على كراسينا المتحركة صورة تنبض بالولاء لأهل البيت عليهم السلام، وتعبر عن السير الصادق على دربهم النير الرافض للكفر والفساد والظلام، ويكفينا فخرا أن لنا في كربلاء قدوة ونبراسا ومثلا، ذلك هو مولانا قمر بني هاشم العباس عليه السلام الذي قطعت يديه، وحجب السهم والدم النور من عينيه، وامتلأ جسده بالجراح ولكنه لم ينس رسالته، ولم يفرط بقضيته، ولم يتوانى لحظة واحدة عن إكمال دوره وإتمام مسيرته، هو في جراحه وكفاحه قدوتنا، وسيبقى ملهمنا وقائدنا الذي نرنو اليه، حتى ينتهي العمر فنفوز بشفاعته، ونرتشف من حوض الكوثر كأسا من يد أبيه سلام الله عليه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154157
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14