هناك أشياء لا يستطيع ان يتنازل عنها المقاتل اثناء المواجهة، وهو في ساحة الميدان؛ لأنها تشكل له الديمومة الحقيقية التي تبقيه على قيد المواجهة في قلب الميدان، والذي يعني لديه لحظتها قلب الحياة، يحمل في رأسه كل سنوات عمره، بل كل لحظة عاشها يستحضرها في ذاكرة اللحظة. اشياء لا يستطيع المقاتل ان يتخلى عنها مثل: سلاحه، عتاده، الخبز، والماء، والقلب الذي ينبض، وأهم ما في القلب أمي.
بعد التحرك الاخير والذي انجاهم الله تعالى من كمين كان محكماً، لولا سرعة النجدة التي انقذت العديد من المجاميع المحاصرة، وتقدمنا صوب المواجهة من جديد.
أرسل لي آمر الفرقة يواسيني؛ كونه يعرف معنى ان ينشغل المقاتل بحياة اعز الناس، كيف يقاتل من باله مشغول على امه، وهي ربما – لا سمح الله - وطردت الفكرة من رأسي، واستغفرت الله.
تذكرت امي وهي توصيني: اكثروا يا ولدي من الدعاء، وردت أخيرا أوامر الهجوم، واذا بي أرى امي بالموضع معي: من اتى بك يا امي، انها الحرب، لا يمكنني أن أقاتل وانت بجنبي..؟ ابتسمت لي وهي تقول:ـ سأقاتل معك يا بني، وانت لست الوحيد الذي تقاتل امه معه، اسأل لو تريد أي واحد منهم، ليخبرك..!
لكنكِ مريضة يا أمي، وستجرى لك عملية جراحية، لم تتعافي بعد..!
قالت:ـ انا بخير يا ولدي، قلبي عندك، ما نفع حياتي بدونك..
:ـ أمي، سمعت انكِ تحتاجين الى دم..؟
:ـ كيف خرجتِ من المستشفى يا أمي..؟
تضحك:ـ انه قلب أم.. لا تقلق يا بني، قلوب الأمهات لا تقف المسافات عائقاً بينهم، والأمهات تدرك الخطأ قبل وقوعه، يا بني ان قوات العدو هناك عددهم كبير، واسلحتهم متطورة، وانتم اقل منهم عددا وعدة، لكن الله معكم. أعدت السؤال:ـ يا امي ما الذي أتى بكِ..؟ قالت: يا ولدي - وأخذت تبكي -اشعر وقلب الأم لا يكذب يا ولدي، جئتك لنرحل معاً الى الله يا ولدي.
|