فقد العـراقُ منذ أيام واحداً من أوفى رجالهِ فلقد ترجّل عن صهوةِ جوادهِ فارساً شجاعاً من فرسان القضاء العراقي بعد قضاءه سنواتٍ في خدمة القضاء وإحقاق حقوق المظلومين وانصاف الشعب من دكتاتورية الجلّادين، وهو القاضي الأستاذ محمد العريبي .. 

وإننا إذ نُعزي برحيله فإننا نستذكر هذا الفقيد الذي كان أحد أبرز رموز القضاء الذين ساهموا في محاكمة رموز النظام الدكتاتوري عن الجرائم الدموية والمجازر والإبادات التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي، وهنا سجل التاريخ بأحرف من نور شجاعة وبسالة  القضاء الذي أثبت للعالم أجمع عراقته وأصالته وشفافية القانون بعد تأمينه لمحاكمة عادلة لدكتاتور وطاغية العصر صدام وزمرته الدموية ونظامه الشوفيني . وإنه بتصديه هذا لمحاكمة رموز النظام الدكتاتوري السابق والتي ستبقى خالدة في نفوس العراقيين الذين تعرضوا لشتى أشكال الظلم طوال أربعة عقود مضت .. 

وذكّرني هنا بحديثه مع طـاغية العصر قائلاً : 
ما هي وظيفتك وماهو منصبك الذي كُنت تشغلهُ ؟! 
صدام : أنا رئيس جمهورية العراق والقائد العام للقوات المسلحه
القاضي : جيد باعتبارك القائد العام للقوات المسلحه هل كنت قد أصدرت قراراً ينص : بأن الجندي العراقي الذي يهرب من  ساحة المعركه عقوبته الأعـدام ؟! 
صدام : نعم أصدرت هكذا قرار وكانت تُنفذ الاعـدامات بحق أي جندي عراقي يهرب ويفر من المعركه اثناء الحرب 
القاضي : حسناً لو تركنا كُل جرائمك بحق الشعب العراقي وقاضيناك فقط على ضوء هذا القرار الذي انت أقريتهُ فأنك تعتبر جندي بل انت قائد القوات المسلحه وهربت من المعركه أثناء الحرب التي اقحمت العراق بها مع أمريكا 
فأنت تستحق الاعـدام, وبموجب هذا القرار يجب أن تُعدم .. 

رحمـ اللهُ القاضي الشجاع الأستاذ محمد العريبي وتغمّده برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وأصدقائه الصبر والسلوان .