البحث في معنويات الرمز المقدس، يحتاج الى قدرات إبداعية قادرة على الإضافة للمعنى العام في ذهنية التلقي، ضمن آفاق فكرية معنوية، والبحث عن إمكانيات الرمز ابي الفضل العباس (عليه السلام) المؤثرة بما امتلكت من تاريخ معرف، ومشروع بهذه الروحية لابد ان يمتلك جرأة الاستقلال، ويعتمد على التحليل الجاد للولوج الى عمق المعنى، لهذا نجد الباحث شعّب العنونة الفرعية، ليحتوي جميع شواهد المعنى، بحث في تعريف القيادة وشروط القائد ومهامه، وكيفية تكوين القيادة الرسالية عند المولى أبي الفضل العباس (عليه السلام)، وهذه المقاربات الاكتشافية كلها في مبحث واحد يرتبط فيه تعريف القيادة في بما يحققه في المنجز التأثيري على السلوك العام للمجتمع، ليكون أنموذجاً يقتدى به، دون استخدام السلطة القسرية، وهذا لا يتحقق إلا أن تشمل القيادة أولاً لاتباع سبل الصلاح بهذا السبيل، يتكون نموذج الاقتداء والاحتفاء، بمعنى تحمل مسؤولية المجتمع دون استغلال الهدف العام لصالح التكوين الفرد، هذا انتقاء واع للشخصية القيادية، ضمن القدرة المدركة والمتمكنة، دراسة اهم شروط القائد، والتي لخصها جوهر معناها الايماني، فإذا لم يكن القائد مؤمناً بهدفه لا يستطيع اطلاقاً على احتواء قدرة التمكن القيادي الفاعل.
والشرط الثاني هو العلم والقدرة وحتى الصلاح دون هذه الإمكانيات يعد تجاوزاً قسرياً على إدارة الأمور، ومجازفة لا غير، فنرى ان توفر الجوهر الايماني مع القدرة الواعية تحصن الرمز القيادي من منزلقات الجشع، ولسبيل الوصول المدرك العام الشمولي جعل شروط الأمانة والإخلاص والصدق، تصورات ذهنية بإمكانية ما تملكه السلطة من اغراءات القوة والتسلط والجبروت.
واعتبر السيد الباحث أن هذه السلطة الخفية متكأً لاستنتاجات تحرزية جوهرية في القيادة: كالنزاهة والاستقامة والثقة بالنفس، والتي هي مقدرة إنسانية لها خصائصها، عالم مستقل واسع له آفاقه ورؤاه، ويؤثر بطبيعة تكوينه على الاستقرار النفسي والعاطفي والقيادة تحتاج هذا التمكن لتأثيره القوي بموجهات العاطفة أي ربطها بالتحكم العقلي في إدارة الأمور، هذه المحاور هي عبارة عن مقدمة مدركة للدخول الى تكوين القيادة الرسالية في شخصية أبي الفضل العباس (عليه السلام) بما امتلكه من قيم سلوكية امتلكت القوة التأثيرية لصياغة مشروع رسالي يعمم على المجتمع، ليتخذ منه قدوة يحذو حذوها بيقينية عالية لمعرفة وجوده المعد من قبل الله سبحانه تعالى، لمساندة صاحب الرسالة الحسين (عليه السلام)، فنجح في اعداده من لحظة اختيار أم البنين (عليها السلام)، بما عرف عنها من فضل وفخر وشهامة وغيرة وإيثار ووفاء، وتمثلت هذه الصفات بأبي الفضل العباس (سلام الله عليه)، ثم عمل الامام لترصين وبناء هذه القيادة بتغذيته بالمفهوم الرسالي ويبلغه بمساندته المستقبلية الفاعلة لمشروع رسالي تضحوي، ليصل الى مرحلة العطاء المحامي الناصر عن الحسين (عليه السلام)، بمفهوم القيادة المعصومة، وليس بمفهوم القبيلة والنصرة الضيقة، فهو وهب كل شيء من اجل نصرة دين وأمة، والتأمل في حنايا البحث سنجد هناك اهتمام البعد النفسي في مكونات الألفة لنشأة البعد الايماني المدروس في شخصية أبي الفضل العباس (عليه السلام)، أعد إعداداً نفسياً، فلذلك تجده لا يناديه إلا سيدي، من هذا المنطلق يصبح لدينا مدخل ذهني لتجليات القيادة الرسالية، والصفات الرائعة التي شخصها أئمة معصومون (سلام الله عليهم)، مثل صفة العبودية: "أيها العبد الصالح" والعبودية صفة رسالية والطاعة صفة المجاهدة، وصفة الاقتداء بالصالحين والمضي على البصيرة والتسليم والتصديق لإمام زمانه وصفات أخرى.
ويصل الباحث الى نتيجة معنى أولها: لولا امتلاكنا لهذه الرموز المقدسة ما تكون الحشد الشعبي المقدس، ولا استطعنا الظفر في سوح الوغى، ومن أهم النتائج التي توصل اليها إمكانية تدريس حياة العباس (عليه السلام)، بما تملك من مؤهلات لطلاب الكلية العسكرية؛ كونه امتلك النظرية والتطبيق.. بحث الدكتور حيدر محمد هناء دخل عوالم الرمز المعرف ليخرج بخصوصية البحث وفرادته.
|