من حمم وبراكين الدكتاتورية المقيتة، انبلجَ فجرُ الانتفاضة الشعبانية المباركة، لتعلن القصاص العادل من الطغاة، ولتوقف سيول الدم التي أجرتها على مر الأحقاب جلاوزة النظام البعثي، بحق كل معارض لسياساتهم الدموية، وإرضاء لنزواتهم الشريرة في السيطرة والاستحواذ على مقدرات الناس، وأعراضهم، وممتلكاتهم.
فقد لاحت شموسُ التغيير والثورة بريقاً من عيون الثائرين، ليشكل من سنا ضوئه نبراساً شاخصاً راحَ يقتل العتمة، ويئد الظلام، في كل دهاليز وكهوف طواغيت العصر من أجلاف اللانظام البعثي الجائر، وعلى رأسهم هدام العراق، وفرعونه البغيض.
كلُّ أستار الخوف تلاشت، وانقشعَ الليلُ البهيم، وراحت فلولُ الاستبداد تولي الدبر فراراً من زحف المجاهدين الهادر من الذين انتهجوا من طفّ الحسين (عليه السلام) ونهضته المباركة مسيرة تضحياته تلد الضياغم من أنصار العقيدة والنصرة، بملامح العباس والأكبر والقاسم وعابس وحبيب وزهير بن القين.. والأنوار الساطعة من آل الرسول (ص) والنخبة الطيبة من أنصار الرسالة المحمدية الغراء.
فكانت مدن العراق الحبيب على أعتاب مشهد جديد من مشاهد لمّ الشمل، وتوحيد الكلمة، ورصّ الصفوف، لمواجهة الاستكبار العالمي الذي مثلته عقود الحكم الصدامي الظالم على ربوع العراق.. فمثلت المنازلة بحق إرادة شعب وأمة وتربية ثورية عقائدية حسينية في رفض الذل والخنوع مهما طال الزمن، واكتظت السجون، وامتلأت الآفاق بالمشانق، ومقاصل الاعدامات.. وانقطعت سبل الأمل في أيّ بصيص لنور يعيد البسمة لثغر الوطن.
لتكون الانتفاضة الشعبانية نقطة مضيئة في تاريخ العراق وأمم وشعوب العالم، أضاءت قناديل الأمل لكل عصور الأجيال السائرة على حبّ الحرية والكرامة.
|