تتزاحم المفردات في مخيلتي ملبية نداء الكتابة، وتتوافد الحروف نحو السطور؛ لتعانق أجمل التعابير عن قائد الثوار وأبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، عندما خيم شبح الظلم والطغيان على تلك المدينة مدينة الكوفة، وانطفأت بها قناديل العلم، وأوقدت نيران الجهل.. ساد صمت رهيب عن إطلاق كلمة الحق، والخوف بدأ يخطف الأبصار.. وكانت تهب رياح النفاق لتصافح مسامع الطواغيت الجبابرة، وكأن الشيطان قد تغلغل بداخل تلك النفوس الضعيفة التي كان يسيطر عليها التسلط وحب الدنيا، فتدفقت منها حمم الكراهية والبغضاء.
وعندما تنفس الصبح، وبدأ نور ضوئه، خرج رجل يحمل بقلبه قرآن محمد (ص)، وبيده فأس إبراهيم، وعزمه عزم موسى، وصبره صبر أيوب.. رجل حمل هموم الأنبياء (عليهم السلام)، تتألق نور الامامة بين مقلتيه.. هنا أطلق صوتاً ملائكياً... هز به عروش الطغاة، وأوقد قناديل العلم، وأكمل ميراث رسالة جده محمد (ص)، فكان كخنجر قد ارتكز بقلوب الحكام آنذاك، فطوى بنهضته التي قام بها كل تلك المفاسد، وفتح باب السلام والحرية أمام المقيدين المظلومين، وألبسهم ثياب العز والكرامة، ووهبهم سيوف التحدي بوجه الظلام، وأوقظ ضمائرهم، وسقاها من نبع الايمان، فكان معلماً لكل الأجيال، وأصبح حكاية على لسان الزمان، نسجت بخيوط مواقفه الإنسانية الخالدة، فكانت ومازالت حكاية ذلك الامام المقدام (عليه السلام) تطل علينا بنسائمها في كل يوم وعام، فترسخت بأذهاننا ووهبتنا الكثير من الدروس التي بقيت عالقة في زوايا ذاكرتنا..! فنحن تلاميذ بين يدي سيدنا ومولانا سيد الشهداء (عليه السلام).
|